الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ١٩٠
فهو كما قيل: ساء سمعا فأساء جابة (1) فعليك بإمعان النظر فيما يقال مستفرغا وسعك في رد الاحتمال، فإذا تعين لك الوجه فهناك فقل، والا فاعتصم بالتوقف فإنه ساحل الهلكة، وانك مخبر في حال فتواك عن ربك وناطق بلسان شرعه، ان بنيت على الوهم فاجعل فهمك تلقاء قوله تعالى (2) وان تقولوا على الله ما لا تعلمون، وانظر إلى قوله (3) قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آ لله أذن لكم أم على الله تفترون، وتفطن كيف قسم مستند الحكم إلى القسمين، فما لم يتحقق الاذن فإنه مفتر، هذا كلامه أعلى الله مقامه.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين، والأوصياء المعصومين وعلى من اتبع الهدى.
تمت الأصول الأصيلة الكاملة، واتفق لضعف تاريخ تصنيفه هذا الكلام.
والحمد لله أولا وآخرا.
وفرغ من كتابته كربلائي محمد علي في كربلاء المعلى سنة 1265.

1 - مثل معروف من أمثال العرب، قال الميداني في مجمع الأمثال: " ساء سمعا فأساء جابة ويروى ساء سمعا فأساء إجابة، وساء في هذا الموضع تعمل عمل بئس نحو قوله تعالى: ساء مثلا القوم، ونصب سمعا على التمييز، وأساء سمعا نصب على المفعول به يقول: أسأت القول وأسأت العمل فأساء جابة هي بمعنى إجابة يقال: أجاب إجابة وجوابا وجيبة، ومثل الجابة في موضع الإجابة الطاعة والطاقة والغارة والعارة (فخاض في شرح المثل، فمن اراده فليطلبه من هناك).
2 - ذيل آية 169 سورة البقرة وصدرها: " انما يأمركم بالسوء والفحشاء ". وأيضا ذيل آية 32 سورة الأعراف وصدرها: " قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ". أقول: يستشم من الآيتين ان القول على الله بما لا يعلم أكبر من سائر المعاصي المذكورة قبله ولا سيما الآية الأولى لان إبليس انما يغويه مترقيا من الأدنى إلى الاعلى.
3 - آية 59 سورة يونس.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»