الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ١٤٩
عن حرام تعالى وحلاله لم يكن عنده شئ. وباسناده عن النبي (ص): انما العلم ثلاثة، آية محكمة أو فريضة عادلة أو سنة قائمة: وما خلاهن فهو فضل (1).
قيل: ان الأول إشارة إلى العلوم الاعتقادية من معرفة الله وصفاته ومقربيه واليوم الآخر ، والثاني إشارة إلى علم آفات النفس وتعديل قواها وتهذيب الأخلاق، والثالث إشارة إلى علم الشرائع ومسائل الحلال والحرام.
أقول: العلوم الدينية منحصرة في هذه الثلاثة وبها جاءت الشرائع والرسائل وهي المسماة بالعلم والحكمة والفقه والذكر والهدى والنور وما يؤدى مؤداها، واما غير هذه الثلاثة فليس من العلم والحكمة في شئ وليس في تحصيله كمال أخروي أصلا وجميع -

١ - قال المصنف (ره) في باب صفة العلم من الوافي (ج ١، ص ٢٨) ما نصه:
" كا - (بعد ذكر السند) دخل رسول الله (ص) المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ - فقيل: علامة فقال: وما العلامة؟ - فقالوا له: اعلم الناس بأنساب العرب و وقائعها وأيام الجاهلية والاشعار العربية، قال: فقال النبي (ص): ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه ثم قال النبي (ص): انما العلم (الحديث) ".
وقال بعده: " بيان - علامة اي كثير العلم والتاء فيه للمبالغة لا يضر من جهله نبههم على أنه ليس بعلم في الحقيقة إذا لعلم في الحقيقة هو الذي يضر جهله في المعاد وينفع اقتناؤه يوم التناد، لا الذي يستحسنه العوام ويكون مصيدة للحطام، ثم بين لهم العلم النافع المحثوث عليه في الشرع وحصره في ثلاثة وكأن الآية المحكمة إشارة إلى أصول العقائد فان براهينها الآيات المحكمات من العالم أو من القرآن، وفي القرآن في غير موضع ان في ذلك لايات أو لآية حيث يذكر دلائل المبدء والمعاد، والفريضة العادلة إشارة إلى علوم الأخلاق التي محاسنها من جنود العقل ومساويها من جنود الجهل، فان التحلي بالأول والتخلي عن الثاني فريضة، وعدالتها كناية عن توسطها بين طرفي الافراط والتفريط، والسنة القائمة إشارة إلى شرائع الاحكام ومسائل الحلال والحرام، وانحصار العلوم الدينية في هذه الثلاثة معلوم وهي التي جمعها هذا الكتاب وهي مطابقة على النشآت الثلاث الانسانية فالأول على عقله والثاني على نفسه والثالث على بدنه بل على العوالم الثلاثة الوجودية التي هي عالم العقل والخيال والحس، فهو فضل زائد لا حاجة إليه، أو فضيلة ولكنه ليس بذاك ".
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»