الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ١٥٣
ولو لم يكن على المقلد الا هذا التمييز لكان حرجا بينا وتكليفا شططا. واما التعارض والاختلافات فمشتركة بل هي في أقوال المجتهدين أكثر منها في أخبار أهل العصمة عليهم السلام مع أن لاختلاف الاخبار ضوابط وقواعد مقررة وقد تكلم فيها أئمة الحديث وغيرهم ففسروها وبينوها ووفقوا بين مختلفاتها وكفونا مؤنة ذلك شكر الله مساعيهم بخلاف عبارات المجتهدين واختلافات فتاويهم المجردة عن الدليل والنص عن المعصومين، فإنها لا ضابطة لها، والشهرة ليست بحجة وسيما الشهرة التي هي في البين اليوم فإنها شهرة من المتأخرين المجتهدين دون القدماء الأخباريين ومأخذها غير معلوم، ورب مشهور لا أصل له، ورب أصيل لم يشتهر كما يعرفه من جربه. وأيضا قد ورد عنهم عليهم السلام في حديث التعارض الاخذ بالاحتياط والتخيير أو غيرهما وهو اذن للمكلفين عامة بالعمل بالاخبار المختلفة الواردة عنهم عليهم السلام على النهج المقرر، ولا اذن عنهم في الاجتهاد بل ورد المنع منه فضلا من الاخذ بقول المجتهد المجرد عن نسبة إلى المعصوم خصوصا مع اضطراب فتاويهم بل فتوى الواحد منهم بحسب كتبه وأوقاته.
فان قيل: لم يصل إلينا من الكتاب والسنة وأخبار أهل البيت عليهم السلام حكم جميع المسائل، ولا كل أحد يقدر على أن يستنبط منها ما يرد عليه من القضايا، والمجتهدون استنبطوها ودونوها وبذلوا فيها غاية المجهود مع أفهامهم الثاقبة وقرائحهم الناقدة التي يعلم أنها أقوى من أفهامنا وقرائحنا؟ - قلنا: قد عرفت ان ما لم يصل إلينا علمه من الكتاب والسنة وأخبار أهل البيت عليهم السلام يجب رد علمه إلى الله ورسوله والأئمة عليهم السلام ثم التوقف فيه والاحتياط ان أمكن والا فالتخيير لا رده إلى ظنون المجتهدين، وان من قدر ان يستنبط الحكم من كلام المجتهدين قدر ان يستنبطه من متون الأحاديث.
فان قلت: من لم يقدر على استنباط الاحكام من الحديث ولا الخروج من اختلافات أئمة الحديث عدم علمه بالعام والخاص والمقيد والمطلق ونحو ذلك ولم يعرف الحديث المعمول به من الشاذ، ولا الموافق للعامة من المخالف لهم، ولا الموافق للكتاب من المخالف
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»