عن اتباع سبيل المؤمنين، الا وذلك ممكن في كل حال ولا يصح دخوله في أن يكون ممكنا الا بأن يثبت في كل عصر جماعة من المؤمنين.
يبين ذلك: انه كما توعد على العدول عن اتباع سبيلهم، فكذلك توعد على مشاقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا وجب في كل حال صحة المشاقة ليصح الوعيد المذكور، فكذلك يجب أن يصح في كل حال اتباع سبيلهم والعدول عنها، لأنه ليس يجب من حيث توعد تعالى توعدا مطلقا على العدول عن اتباع غير سبيل المؤمنين، ثبوت مؤمنين في كل عصر، انما (1) تقتضي الآية التحذير من العدول عن اتباعهم إذا وجدوا وتمكن من اتباعهم وتركه.
ولسنا نعلم من أي وجه ظن أن التوعد على الفعل يقتضى امكانه في كل حال.
وليس هذا مما يدخل فيه عندنا شبهة على متكلم، ونحن نعلم أن البشارة بنبينا عليه السلام قد تقدم على لسان من سلفت نبوته كموسى عليه السلام وعيسى وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام، وقد امر الله تعالى أممهم باتباعه وتصديقه وأشار لهم إلى صفاته (2) وعلاماته، وتوعدهم على مخالفته وتكذيبه، ولم يكن ما توعد (3) عليه من مخالفته وأوجبه من تصديقه واتباعه ممكنا في كل وقت، ولا مانعا (4) من اطلاق الوعيد.
وقد قال شيخهم أبو هاشم، وتبعه على هذه المقالة جميع أصحابه (5): ان قوله تعالى: [السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله] (6)،