سبيلهم له في الحظر بدليل اخر، كما يقوله أكثر خصومنا: ان قوله عليه السلام " في سائمة الغنم الزكاة " (1) لا يجب أن يفهم منه دفع الزكاة عما ليس بسائم، ومفارقة حاله لحال السائمة، بل يجوز أن يكون الحكم واحدا، ويعلم بالسائمة بهذا القول، وفي غيرها بدليل اخر.
فان قيل: ان ذلك يجرى مجرى قول أحدنا لغيره: (لا تتبع غير سبيل الصالحين) في أنه بعث على اتباع سبيل الصالحين، والا يخرج عن ذلك.
قيل: القول في هذا المثال كالقول فيما تقدم، وظاهر اللفظ واطلاقه لا يدل على وجوب اتباع طريقة الصالحين و يحث عليها، وما يعلم لا من حيث ظاهر اللفظ خارج عما نحن فيه.
ولو أن أحدنا قال بدلا من ذكر الصالحين: (لا يتبع غير طريقة زيد) لم يجب أن يفهم من اطلاقه ايجاب اتباع طريقته.
ولولا أن الامر فيما تقدم على ما قلناه دون ما ادعاه السائل، لوجب فيما قال لغيره: (لا تضرب غير زيد) ثم قال: (ولا زيدا) أن يكون مناقضا في كلامه، من حيث كان قوله: (لا تضرب غير زيد) ايجابا لضربه وقوله: (ولا زيدا) حظر لذلك.
وفي العلم بصحة هذا القول من مستعمله، وانه غير جار مجرى قوله: (اضرب زيدا ولا تضربه) دلالة على استقامة تأويلنا للآية.
ورابعها (2): انه تعالى حذر من مخالفة سبيل المؤمنين وعلق الكلام بصفة من كان مؤمنا، فمن أين لخصومنا انهم لا يخرجون عن كونهم مؤمنين إذا خرجوا عن الايمان خرجوا عن الصفة التي تعلق الوعيد بخلاف من كان عليها؟
وليس له أن يقول (3): لا يصح أن يتوعد الله تعالى وعيدا (4) مطلقا على العدول