عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٥
له من حافظ معصوم لا يجوز عليه الغلط؟ وإذا كان لابد من ذلك على مذهبكم فمتى اندرست الشريعة أمكن الرجوع إليه فيها فلا يحتاج إلى نبي اخر.
قيل له: نحن انما نوجب حافظا للشرع معصوما إذا علمنا ارتفاع الوحي وانقطاع النبوة، ونحن نعلم أن التواتر لا يمكن حفظ الشرع به، لأنه يجوز أن يصير آحادا، فإذا لابد لها من حافظ معصوم، وليس كذلك في الشرائع المتقدمة لأنه لا يمتنع أن تكون تلك الشرائع محفوظة بالتواتر، فمتى فرضنا انها صارت آحادا وبحيث لا ينقطع عذر المكلفين بنقلها بعث الله تعالى نبيا اخر يبينها ويستدركها، هذا إذا فرضنا بقاء التكليف بالشريعة الأولة على من يجيئ فيما بعد.
فاما إذا فرضنا انه يجوز أن يكون التكليف للشريعة الأولى إذا صارت آحادا قد ارتفع ووجب التمسك بما في العقل، فان ذلك لا يجب أيضا معه أن يكون لها حافظ ولا بعث (1) نبي اخر، وكان يجوز أيضا ان يتعبد باخبار الآحاد إذا صارت الشريعة إلى حد لا ينقل الا من جهة الخبر الواحد، وكل ذلك مفقود في شريعتنا، لان الوحي قد ارتفع، والرسالة قد انقطعت، والتكليف باق إلى يوم القيمة، والعمل بخبر الواحد غير صحيح على ما بيناه فيما مضى، فلو لم يكن لها معصوم، والتواتر يجوز أن يصير آحادا، كان ذلك يؤدى إلى أن الشرع غير محفوظ أصلا، وذلك لا يجوز.
واستدل من خالفنا على صحة قوله بأشياء (2).
منها: انه لو لم يكن متعبدا بشريعة من تقدم لم يذكى قبل بعثته، ولا يأكل اللحم المذكى، ولا كان يحج ويعتمر، ولا كان يركب البهايم ويحمل عليها، لان جميع ذلك يحسن سمعا، وفي علمنا بأنه كان يفعل ذلك دليل على صحة ما قلناه.
وهذا لا يلزمنا على ما قررنا من مذهبنا في هذا الباب (3)، لأنا قلنا: انه قبل بعثته

(١) بعثه.
(٢) لاحظ استدلال المخالفين ودفاعهم عن أقواهم في المصادر التالية: " المعتمد ٢: ٣٣٧، الذريعة ٢: ٢٥٩، المستصفى 1: 246، ميزان الأصول 2: 694، الاحكام للآمدي 4: 337، شرح المنهاج 2: 516 ".
(3) انظر كلام المصنف في بداية هذا الفصل في صفحة 591.
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 590 591 592 593 594 595 596 597 599 601 602 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل (3) في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان، وما به يقع البيان 417
2 فصل (4) في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الافعال 421
3 فصل (5) في أن تخصيص العموم لا يمنع من التعلق بظاهره 424
4 فصل (6) في ذكر وقوع البيان بالافعال 431
5 فصل (7) في ما الحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 436
6 فصل (8) في ذكر جواز تأخير التبليغ، والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 447
7 فصل (9) في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وذكر الخلاف فيه 449
8 فصل (10) في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز؟ 465
9 فصل (11) في القول في دليل الخطاب، واختلاف الناس فيه 467
10 (الباب السابع) الكلام في الناسخ والمنسوخ فصل (1) في ذكر حقيقة النسخ، وبيان شرائط، والفصل بينه وبين البداء 485
11 في نسخ الحكم ببدل 491
12 في معنى البداء 495
13 فصل (2) في ذكر ما يصح النسخ فيه من أفعال، المكلف، وما لا يصح، وبيان شرائطه 499
14 النسخ في الاخبار 501
15 أقسام الخبر 503
16 فصل (3) في ذكر جواز نسخ الشرعيات 506
17 فصل (4) في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم 514
18 فصل (5) في نسخ الشئ قبل وقت فعله، ما حكمه؟ 518
19 فصل (6) في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أو لا؟ 527
20 فصل (7) في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه 534
21 فصل (8) في نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ونسخ الاجماع والقياس، وتجويز القول بهما 537
22 فصل (9) في ذكر نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن 543
23 فصل (10) في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخهما 554
24 (الباب الثامن) الكلام في الافعال فصل (1) في ذكر جملة من أحكام الافعال، وما يضاف إليه، واختلاف أحوالهم 563
25 فصل (2) في ذكر معنى التأسي بالنبي (ص) وهل يجب اتباعه عقلا أو سمعا؟ والقول فيه 569
26 فصل (3) في الدلالة على أن أفعاله (ع) كلها ليست على الوجوب 575
27 فصل (4) في ذكر الوجوه التي تقع عليها أفعاله (ع)، وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 582
28 فصل (5) في ذكر أفعاله إذا اختلفت هل يصح التعارض فيها أم لا؟ 587
29 فصل (6) في أنه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 590
30 (الباب التاسع) الكلام في الاجماع فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 601
31 فصل (2) في كيفية العلم بالاجماع، ومن يعتبر قوله فيه 628
32 فصل (3) في ما يتفرع على الاجماع من حيث كان إجماعا عند من قال بذلك، كيف القول فيه على ما نذهب إليه؟ 639
33 (الباب العاشر) الكلام في القياس فصل (1) في ذكر حقيقة القياس، واختلاف الناس في ورود العبادة به 647
34 فصل (2) في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 653
35 فصل (3) في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 665
36 فصل (4) في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس 669
37 (الباب الحادي عشر) الكلام في الاجتهاد فصل (1) الكلام في الاجتهاد 723
38 فصل (2) في ذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما 727
39 فصل (3) في أن النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام؟ وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وإن من غاب عن الرسول (ص) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟ 733
40 (الباب الثاني عشر) الكلام في الحظر والإباحة فصل (1) في ذكر حقيقة الحظر والإباحة والمراد بذلك 739
41 فصل (2) في ذكر بيان الأشياء التي يقال إنها على الخطر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها، والدليل على الصحيح من ذلك؟ 741
42 فصل (3) في ذكر حكم النافي، هل عليه دليل أم لا؟ والكلام في استصحاب الحال 752
43 الكلام في استصحاب الحال 755
44 فصل (4) في ذكر ما يعلم بالعقل والسمع 759