حجة من خالفها (1) لا سيما وشهادتهم ليست عندنا، فيجب علينا تمييز خطأهم من صوابهم، وانما هي عند الله تعالى، وإذا كانت عنده جاز أن يكون الواجب علينا هذا الاعتقاد الذي ذكرناه. فان قيل (2): ليس المراد بالآية الشهادة في الآخرة، وانما هو القول بالحق والاخبار بالصدق كقوله تعالى: [شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم] وكل من قال حقا وهو شاذ به، وليس هذا من باب الشهادة التي تؤدى أو تتحمل بسبيل، وان كانوا مع شهادتهم بالحق يشهدون في الآخرة باعمال العباد، فيجب في كل ما اجمعوا عليه قولا أن يكون حقا، وفعلهم يقوم مقام قولهم، فيجب أن يكون هذا حاله، لأنهم إذا جمعوا على الشئ وأظهروه اظهار ما يعتقد انه حق حل محل الخبر، وهذا يوجب انه لا فرق بين الصغير والكبير في هذا الباب.
قيل له: هذا غير مؤثر فيما قدحنا به في الاستدلال بالآية، لان التعلق في (4) الآية انما هو بكونهم عدولا لا بلفظ الشهادة، لان التعليق لو كان بالشهادة لم يكن في الكلام شبهة من حيث كانت الشهادة لا تدل بنفسها على كونها حجة كما تدل العدالة.
ولو تعلق متعلق بكونهم شهودا ويذكر شهادتهم، لم نجد بدا من اعتبار العدالة والرجوع إليها، وإذا كانت الصغائر لا تؤثر في العدالة ولا يمتنع وقوعها على مذهب المعتزلة (5) من العدل المقبول الشهادة، فما الموجب من الآية نفيها عن الأمة؟، ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكونوا شهداء في الدنيا والآخرة معا، وبين أن يكونوا شهداء