في الآخرة دون الدنيا (1).
واستدلوا أيضا: بقوله تعالى: [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر] (2).
قالوا: وصف الله تعالى " بأنها " خير الأمة "، وانها " تأمر بالمعروف " " وتنهى عن المنكر "، فلا يجوز أن يقع منها خطأ، لان ذلك يخرجها من كونها خيارا، ويخرجهما أيضا من كونها امرة بالمعروف وناهية عن المنكر، الا أن تكون آمرة بالمنكر وناهية عن المعروف، ولا ملجاء من ذلك الا بالامتناع من وقوع شئ من القبائح من جهتهم.
والكلام على هذا الدليل مثل الكلام على الآية التي ذكرناها قبل هذه الآية على حد واحد من المنازعة في أن تكون لفظة " الأمة " تستحق الجمع والشمول.
ومع التسليم انها تشتمل جميع أهل الاعصار دون أهل كل عصر، وفي انها لا يجوز ان يوصفوا بأنهم خيار إلا وكل واحد منهم بهذه الصفة، وفي ان أكثر ما تقتضيه الآية ان لا يقع منهم ما يخرجهم من كونهم خيارا من الكبائر، ولا يجب من ذلك الا يقع منهم الصغير الذي يتحبط (3) عقابه، ولا يخرجهم من كونهم بهذه الصفة فالكلام في الآيتين على حد واحد.
ويمكن أن يقال في هذه الآية وفي التي تقدمت: ان المراد بها قوم معينون لما يتضمنان من حرف الإشارة في المخاطبين، وليس فيهما ما يقتضى لفظ العموم، لان ألفاظ العموم معلومة، وليس فيهما شئ منها.
فان رجعوا إلى أن يقولوا: لو كان المراد به ما دون الاستغراق لبين قيل لهم: ولو كان المراد بها الاستغراق لبين، وإذا تقابل القولان سقط