تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
على أحسن الوجوه وأجملها فهو تأكيد وبيان للشرطية السابقة أو يوف إليكم ما يخلفه وهو من نتائج دعائه عليه السلام بقوله اللهم اجعل للمنفق خلفا وللمسك تلفا وقيل حجت أسماء بنت أبي بكر فأتتها أمها تسألها وهي مشركة فأبت أن تعطيها وعن سعيد بن جبير أنهم كانوا يتقون أن يرضخوا لقراباتهم من المشركين وروى أن ناسا من المسلمين كانت لهم أصهار في اليهود ورضاع كانوا ينفقون عليهم قبل الإسلام فلما أسلموا كرهوا أن ينفقوهم فنزلت وهذا في غير الواجب وأما الواجب فلا يجوز صرفه إلى الكافر وأن كان ذميا «وأنتم لا تظلمون» لا تنقصون شيئا مما وعدتم من الثواب المضاعف أو من الخلف «للفقراء» متعلق بمحذوف ينساق إليه الكلام كما في قوله عز وجل «في تسع آيات إلى فرعون» أي اعمدوا للفقراء أو اجعلوا ما تنفقونه للفقراء أو صدقاتكم للفقراء «الذين أحصروا في سبيل الله» بالغزو والجهاد «لا يستطيعون» لاشتغالهم به «ضربا في الأرض» أي ذهابا فيها للكسب والتجارة وقيل هم أهل الصفة كانوا رضي الله عنهم نحوا من أربعمائة من فقراء المهاجرين يسكنون صفة المسجد يستغرقون أوقاتهم بالتعلم والجهاد وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم «يحسبهم الجاهل» بحالهم «أغنياء من التعفف» أي من أجل تعففهم عن المسألة «تعرفهم بسيماهم» أي تعرف فقرهم واضطرارهم بما تعاين منهم من الضعف ورثاثة الحال والخطاب للرسول عليه السلام أو لكل أحد ممن له حظ من الخطاب مبالغة في بيان وضوح فقرهم «لا يسألون الناس إلحافا» أي إلحاحا وهو أن يلازم السائل المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفنى من فضل لحافه أي أعطاني من فضل ما عنده والمعنى لا يسألونهم شيئا وإن سألوا لحاجة اضطرتهم إليه لم يلحوا وقيل هو نفي لكلا الأمرين جميعا على طريقة قوله * على لا حب لا يهتدى لمنارة * أي لا منار ولا اهتداء «وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم» فيجازيكم بذلك أحسن جزاء فهو ترغيب في التصدق لا سيما على هؤلاء «الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية» أي يعمون الأوقات والأحوال بالخير والصدقة وقيل نزلت في شأن الصديق رضي الله عنه حيث تصدق بأربعين ألف دينار عشرة آلاف منه بالليل وعشرة بالنهار وعشرة سرا وعشرة علانية وقيل في علي رضي الله عنه حين لم يكن عنده إلا أربعة دراهم فتصدق بكل واحد منها على وجه من الوجوه المذكورة ولعل تقديم الليل على النهار والسر على العلانية للإيذان بمزية الإخفاء على الإظهار وقيل في رباط الخيل والإنفاق عليها «فلهم أجرهم عند ربهم» خبر للموصول والفاء للدلالة على سببية ما قبلها لما بعدها وقيل للعطف والخبر محذوف أي ومنهم الذين الخ ولذلك جوز
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271