تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٦٢
على شئ من زمان أو غيره يستعمل في الشر استعماله في الخير قال تعالى النار وعدها الله الذين كفروا أي يعدكم في الإنفاق الفقر ويقول إن عاقبة إنفاقكم ان تفتقروا وإنما عبر عن ذلك بالوعد مع أن الشيطان لم يضف مجئ الفقر إلى جهته للإيذان بمبالغته في الإخبار بتحقق مجيئه كأنه نزوله في تقرر الوقوع منزلة أفعاله الواقعة بحسب إرادته أو لوقوعه في مقابلة وعده تعالى على طريقة المشاكلة وقرئ بضم الفاء والسكون وبضمتين وبفتحتين «ويأمركم بالفحشاء» أي بالخصلة الفحشاء أي ويغريكم على البخل ومنع الصدقات إغراء الآمر للمأمور على فعل المأمور به والعرب تسمى البخيل فاحشا قال طرفة بن العبد * أرى الموت يعتام الكرام ويصطفى * عقيلة مال الفاحش المتشدد * وقيل بالمعاصي والسيئات «والله يعدكم» أي في الإنفاق «مغفرة» لذنوبكم والجار في قوله تعالى «منه» متعلق بمحذوف هو صفة لمغفرة مؤكدة لفخامتها التي أفادها تنكيرها أي مغفرة أي مغفرة مغفرة كائنة منه عز وجل «وفضلا» صفة محذوفة لدلالة المذكور عليها كما في قوله تعالى فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ونظائره أي وفضلا كائنا منه تعالى أي خلفا مما أنفقتم زائدا عليه في الدنيا وفيه تكذيب للشيطان وقيل ثوابا في الآخرة «والله واسع» قدرة وفضلا فيحقق ما وعدكم به من المغفرة وإخلاف ما تنفقونه «عليم» مبالغ في العلم فيعلم إنفاقكم فلا يكاد يضيع أجركم أو يعلم ما سيكون من المغفرة والفضل فلا احتمال للخلف في الوعد والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبله «يؤتي الحكمة» قال مجاهد الحكمة هي القرآن والعلم والفقه روى عن ابن نجيح أنها الإصابة في القول والعمل وعن إبراهيم النخعي انها معرفة معاني الأشياء وفهمها وقيل هي معرفة حقائق الأشياء وقيل هي الإقدام على الأفعال الحسنة الصائبة وعن مقاتل أنها تفسر في القرآن بأربعة أوجه فتارة بمواعظ القرآن وأخرى بما فيه من عجائب الأسرار ومرة بالعلم والفهم وأخرى بالنبوة ولعل الأنسب بالمقام ما ينتطم الأحكام المبينة في تضاعيف الآيات الكريمة من أحد الوجهين الأولين ومعنى إيتائها تبيينها والتوفيق للعلم والعمل بها أي بينها ويوفق للعلم والعمل بها «من يشاء» من عبادة ان يؤتيها إياه بموجب سعة فضله وإحاطة علمه كما آتاكم ما بينه في ضمن الآي من الحكم البالغة التي يدور عليها فلك منافعكم فاغتنموها وسارعوا إلى العمل بها والموصول مفعول أول ليؤتى قدم عليه الثاني للعناية به والجملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها «ومن يؤت الحكمة» على بناء المفعول وقرئ على البناء للفاعل أي ومن يؤته الله الحكمة واظهار في مقام الإضمار لإظهار الاعتناء بشأنها وللإشعار بعلة الحكم «فقد أوتي خيرا كثيرا» أي أي خير كثير فإنه قد خير له خير الدارين «وما يذكر» أي وما يتعظ بما أوتى من الحكمة أو وما يتفكر فيها «إلا أولوا الألباب» أي العقول الخالصة عن شوائب الوهم والركون إلى مشايعة الهوى وفيه من الترغيب في المحافظة على الأحكام الواردة في شأن الإنفاق مالا يخفى والجملة إما حال أو اعتراض تذييلي
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271