تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٦٨
والنقص ومن ضرورة تعليق هذا الحكم بتوبتهم عدم ثبوته عند عدمها لأن عدمها إن كان مع إنكار الحرمة فهم مرتدون وما لهم المكسوب في حال الردة فيء للمسلمين عند أبي حنيفة رضي الله عنه وكذا سائر أموالهم عند الشافعي وعندنا هو لورثتهم ولا شئ لهم على حال وإن كان مع الاعتراف بها فإن كان لهم شوكة فهم على شرف القتل لم تسلم لهم رؤوسهم فكيف برءوس أموالهم وإلا فكذلك عند ابن عباس رضي الله عنهما فإنه يقول من عامل الربا يستتاب وإلا ضرب عنقه وأما عند غيره فهم محبوسون إلى أن تظهر توبتهم لا يمكنون من التصرفات أصلا فما لم يتوبوا لم يسلم لهم شئ من أموالهم بل إنما يسلم بموتهم لورثتهم «وإن كان ذو عسرة» أي إن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة على أن كان تامة وقرئ ذا عسرة على أنها ناقصة «فنظرة» أي فالحكم نظرة أو فعليكم نظرة أو فلتكن نظرة وهي الإنظار والإمهال وقرئ فناظره فالمستحق ناظره أي منتظره أو فصاحب نظرته على طريق النسب وقرئ فناظره أمرا من المفاعلة أي فسامحه بالنظرة «إلى ميسرة» أي إلى يسار وقرئ بضم السين وهما لغتان كمشرقة ومشارقة وقرئ بهما مضافين بحذف التاء عند الإضافة كما في قوله * وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا * «وأن تصدقوا» بحذف إحدى التاءين وقرئ بتشديد الصاد أي وأن تتصدقوا على معسرى غرمائكم بالإبراء «خير لكم» أي أكثر ثوابا من الإنظار أو خير مما تأخذونه لمضاعفة ثوابه ودوامه فهو ندب إلى أن يتصدقوا برءوس أموالهم كلا أو بعضا على غرمائهم المعسرين كقوله تعالى «وأن تعفوا أقرب للتقوى» وقيل المراد بالتصدق الإنظار لقوله عليه السلام لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة «إن كنتم تعلمون» جوابه محذوف أي أن كنتم تعلمون أنه خير لكم عملتموه «واتقوا يوما» هو يوم القيامة وتنكيره للتفخيم والتهويل وتعليق الاتقاء به للمبالغة في التحذير عما فيه من الشدائد والأهوال «ترجعون فيه» على البناء للمفعول من الرجع وقرئ على البناء للفاعل من الرجوع والأول أدخل في التهويل وقرئ بالباء على طريق الالتفات وقرئ تردون وكذا تصيرون «إلى الله» لمحاسبة أعمالكم «ثم توفى كل نفس» من النفوس والتعميم للمبالغة في تهويل اليوم أي تعطى كملا «ما كسبت» أي جزاء ما عملت من خير أو شر «وهم لا يظلمون» حال من كل نفس تفيد أن المعاقبين وإن كانت عقوباتهم مؤبدة غير مظلومين في ذلك لما انه من قبل أنفسهم وجمع الضمير لأنه أنسب بحال الجزاء كما ان الإفراد أوفق بحال الكسب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها آخر آية نزل بها جبريل عليه السلام وقال ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أحدا وعشرين يوما وقيل أحدا وثمانين وقيل سبعة أيام وقيل ثلاث ساعات
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271