تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٧٦
إيمانهم «سمعنا» أي فهمنا ما جاءنا من الحق وتيقنا بصحته «وأطعنا» ما فيه من الأ وامر والنواهي وقيل سمعنا أجبنا دعوتك وأطعنا أمرك «غفرانك ربنا» أي اغفر لنا غفرانك أو نسألك غفرانك ذنوبنا المتقدمة أو مالا يخلو عنه البشر من التقصير في مراعاة حقوقك وتقديم ذكر السمع والطاعة على طلب الغفران لما أن تقديم الوسيلة على المسؤول أدعى إلى الإجابة والقبول والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إليهم للمبالغة في التضرع والجؤار «وإليك المصير» أي الرجوع بالموت والبعث لا إلى غيرك وهو تذييل لما قبلة مقرر للحاجة إلى المغفرة لما أن الرجوع للحساب والجزاء وقولة تعالى «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» جملة مستقلة جئ بها إثر حكاية تلقيهم لتكاليفه تعالى بحسن الطاعة إظهارا لما له تعالى عليهم في ضمن التكليف من محاسن آثار الفضل والرحمة ابتداء لا بعد السؤال كما سيجئ هذا وقد روى أنه لما نزل قوله تعالى وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوه علية السلام ثم بركوا على الركب فقالوا أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصوم والحج والجهاد وقد انزل إليك هذه الآية ولا نطيقها فقال أي رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير فقرأها القوم فأنزل الله عز وجل آمن الرسول بما انزل الية من ربة إلى قولة تعالى ربنا واليك المصير فمسئولهم الغفران المعلق بمشيئته عز وجل في قولة فيغفر لمن يشاء ثم انزل الله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها تهوينا للخطب عليهم بيان ان المراد بما في أنفسهم ما عزموا علية من السوء خاصة لا ما يعم الخواطر التي لا يستطاع الاحتراز عنها والتكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة والوسع ما يسع الانسان ولا يضيق عليه أي سنته تعالى أنه لا يكلف نفسا من النفوس الا ما يتسع فيه طوقها ويتيسر عليها دون مدى الطاقة والمجهود منة رحمة لهذه الأمة كقوله تعالى «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» وقرئ وسعها بالفتح وهذا يدل على عدم وقوع التكليف بالمحال لا على امتناعه وقولة تعالى «لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» للترغيب في المحافظة على مواجب التكليف والتحذير عن الإخلال بها بيان إن تكليف كل نفس مع مقارنته لنعمة التخفيف والتيسير تتضمن مراعاته منفعة زائدة وانها تعود إليها لا إلى غيرها ويستتبع الإخلال به مضرة تحيق بها لا بغيرها فإن اختصاص منفعة الفعل بفاعلة من أقوى الدواعي إلى تحصيله وإقتصار مضرته علية من أشد الزواجر عن مباشرته أي لها ثواب ما كسبت من الخير والذي كلفت فعلة لا لغيرها استقلالا أو اشتراكا ضرورة شمول كلمة ما لكل جزء من اجزاء مكسوبها وعليها لا على غيرها بأحد الطريقين المذكورين عقاب ما اكتسبت من الشر الذي كلفت تركة وايراد
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271