الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٣١٤
عن وهب بن منبه رضي الله عنه انه ذكر من ملك سليمان وتعظيم ملكه انه كان في رباطه اثنا عشر ألف حصان وكان يذبح على غدائه كل يوم سبعين ثورا سوى الكباش والطير والصيد فقيل لوهب أكان يسع هذا ماله قال كان إذا ملك الملك على بني إسرائيل اشترط عليهم انهم رقيقه وان أموالهم له ما شاء أخذ منها وما شاء ترك * وأخرج عبد بن حميد عن أبي خالد البجلي رضي الله عنه قال بلغني ان سليمان عليه السلام ركب يوما في موكبه فوضع سريره فقعد عليه وألقيت كراسي يمينا وشمالا فقعد الناس عليها يلونه والجن وراءهم ومردة الجن والشياطين وراء الجن فأرسل إلى الطير فأظلته بأجنحتها وقال للريح احملينا يريد بعض مسيره فاحتملته الريح وهو على سريره والناس على كراسيهم يحدثهم ويحدثونه لا يرتفع كرسي ولا يتضع والطير تظلهم وكان موكب سليمان يسمع من مكان بعيد ورجل من بني إسرائيل آخذ مسحاته في زرع له قائما يهيئه إذ سمع الصوت فقال إن هذا الصوت ما هو الا لموكب سليمان وجنوده فحان من سليمان التفاتة وهو على سريره فإذا هو برجل يشتد يبادر الطريق فقال عليه السلام في نفسه ان هذا الرجل ملهوف أو طالب حاجة فقال للريح حين وقفت به قفى فوقفت به وبجنوده حتى انتهى إليه الرجل وهو منبهر فتركه سليمان حتى ذهب بهره ثم أقبل عليه فقال ألك حاجة وقد وقف عليه الخلق فقال الحاجة جاءت بي إلى هذا المكان يا رسول الله انى رأيت الله أعطاك ملكا لم يعطه أحدا قبلك ولا أراه يعطيه أحدا بعدك فكيف تجد ما مضى من ملكك هذه الساعة قال أخبرك عن ذاك انى كنت نائما فرأيت رؤيا ثم تنبهت فعبرتها قال ليس الا ذاك قال فأخبرني كيف تجد ما بقى من ملكك الساعة قال تسألني عن شئ لم أره قال فإنما هي هذه الساعة ثم انصرف عنه موليا فجلس سليمان عليه السلام ينظر في قفاه ويتفكر فيما قاله ثم قال للريح امضى بنا فمضت به قال الله رخاء حيث أصابه قال الرخاء التي ليست بالعاصف ولا باللينة وسطا قال الله تعالى غدوها شهر ورواحها شهر ليست بالعاصف التي تؤذيه ولا باللينة التي تشق عليه * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سليمان بن عامر الشيباني رضي الله عنه قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أرأيتم سليمان وما أعطاه الله تعالى من ملكه فلم يكن يرفع طرفه إلى السماء تخشعا حتى قبضه الله تعالى * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رفع سليمان عليه السلام طرفه إلى السماء تخشعا حيث أعطاه الله تعالى ما أعطاه * وأخرج أحمد في الزهد عن عطاء رضي الله عنه قال كان سليمان عليه السلام يعمل الخوص بيده ويأكل خبز الشعير ويطعم بني إسرائيل الحوارى * وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن المنذر وابن عساكر عن صالح بن سمار رضي الله عنه قال بلغني انه لما مات داود عليه السلام أوحى الله تعالى إلى سليمان عليه الصلاة والسلام سلني حاجتك قال أسالك ان تجعل قلبي يخشاك كما كان قلب أمي وان تجعل قلبي يحبك كما كان قلب أبى فقال أرسلت إلى عبدي أسأله حاجته فكانت حاجته ان أجعل قلبه يخشاني وان أجعل قلبه يحبني لأهبن له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده قال الله تعالى فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب والتي بعدها مما أعطاه وفى الآخرة لا حساب عليه * وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله فسخرنا له الريح الآية قال لم يكن في ملكه يوم دعا الريح والشياطين * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال لما عقر سليمان عليه السلام الخيل أبدله الله خيرا منها وأمر الريح تجرى بأمره كيف يشاء رخاء قال ليست بالعاصف ولا باللينة بين ذلك وأخرج ابن المنذر عن الحسن وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تجرى بأمره رخاء قال مطيعة له حيث أصاب قال حيث أراد * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله رخاء حيث أصاب قال حيث شاء * وأخرج عبد الرزاق وعبد ابن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله رخاء قال لينة حيث أصاب قال حيث أرادوا الشياطين كل بناء قال يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وغواص قال يستخرجون له الحلي من البحر وآخرين مقرنين في الأصفاد قال مردة الشياطين في الأغلال * وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله رخاء قال الطيبة والشياطين كل بناء وغواص قال يغوص للحلية وبناء بنوا لسليمان قصرا على الماء فقال اهدموه من غير أن تمسه الأيدي فرموه بالفادقات حتى وضعوه فبقيت لنا منفعته بعدهم فكان من عمل الجن وبقيت لنا منفعة السياط كان يضرب
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»
الفهرست