الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٣١٠
بعض أهلها وبين قوم خصومة فقضى بينهم بالحق الا انه ود ان الحق كان لأهلها فأوحى الله تعالى إليه انه سيصيبك بلاء فكان لا يدرى يأتيه من السماء أم من الأرض * وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم بسند قوى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أراد سليمان عليه السلام ان يدخل الخلاء فأعطى الجرادة خاتمه وكانت جرادة امرأة وكانت أحب نسائه إليه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها هاتي خاتمي فأعطته فلما لبسه دانت له الجن والانس والشياطين فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء قال لها هاتي خاتمي فقالت قد أعطيته سليمان قال انا سليمان قالت كذبت لست سليمان فجعل لا يأتي أحدا يقول انا سليمان لا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة فلما رأى ذلك عرف انه من أمر الله عز وجل وقام الشيطان يحكم بين الناس فلما أراد الله تعالى أن يرد على سليمان عليه السلام سلطانه ألقى في قلوب الناس انكار ذلك الشيطان فأرسلوا إلى نساء سليمان عليه السلام فقالوا لهن أيكون من سليمان شئ قلنا نعم انه يأتينا ونحن حيض وما كان يأتينا قبل ذلك فلما رأى الشيطان انه قد فظن له ظن أن أمره قد انقطع فكتبوا كتبا فيها سحر ومكر فدفنوها تحت كرسي سليمان ثم أثاروها وقرؤها على الناس قالوا بهذا كان يظهر سليمان على الناس ويغلبهم فأكفر الناس سليمان فلم يزلوا يكفرونه وبعث ذلك الشيطان بالخاتم فطرحه في البحر فتلقته سمكة فاخذته وكان سليمان عليه السالم يعمل على شط البحر بالاجر فجاء رجل فاشترى سمكا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فدعا سليمان عليه السلام فقال تحمل لي هذه السمك ثم انطلق إلى منزله فلما انتهى الرجل إلى باب داره أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فاخذها سليمان عليه السلام فشق بطنها فإذا الخاتم في جوفها فاخذه فلبسه فلما لبسه دانت له الإنس والجن والشياطين وعاد إلى حاله وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر فأرسل سليمان عليه السلام في طلبه وكان شيطانا مريدا يطلبونه ولا يقدرون عليه حتى وجدوه يوما نائما فجاؤوا فنقبوا عليه بنيانا من رصاص فاستيقظ فوثب فجعل لا يثبت في مكان من البيت الا أن دار معه الرصاص فأخذوه وأوثقوه وجاؤا به إلى سليمان عليه السلام فامر به فنقر له في رخام ثم أدخل في جوفه ثم سد بالنحاس ثم أمر به فطرح في البحر فذلك قوله ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا يعنى الشيطان الذي كان تسلط عليه * وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أربع آيات من كتاب الله أدر ما هي حتى سالت عنهن كعب الأحبار رضي الله عنه قوله قوم تبع في القرآن ولم يذكر تبع فقال إن تبعا كان ملكا وكان قومه كهانا وكان في قومه قوم من أهل الكتاب وكان الكهان يبغون على أهل الكتاب ويقتلون تابعهم فقال أهل الكتاب لتبع انهم يكذبون علينا فقال تبع ان كنتم صادقين فقربوا قربانا فأيكم كان أفضل أكلت النار قربانه فقرب أهل الكتاب والكهان فنزلت نار من السماء فأكلت قربان أهل الكتاب فاتبعهم تبع فأسلم فلهذا ذكر الله قومه في القرآن ولم يذكره قال ابن عباس رضي الله عنه وسألته عن قوله وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه فقذف به في البحر فوقع في بطن سمكة فانطلق سليمان يطوف إذ تصدق عليه بتلك السمكة فاشتوها فأكلها فإذا فيها خاتمه فرجع إليه ملكه * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال صخر الجني مثل على كرسيه على صورته * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال أمر سليمان عليه السلام ببناء بيت المقدس فقيل له ابنه ولا يسمع فيه صوت حديد فطلب ذلك فلم يقدر عليه فقيل له ان شيطانا يقال له صخر شبه المارد فطلبه وكانت عين في البحر يردها في كل سبعة أيام مرة فنزح ماءها وجعل فيها خمرا فجاء يوم وروده فإذا هو بالخمر فقال إنك لشراب طيب تصيب من الحليم وتزيد من الجاهل جهلا ثم جفل حتى عطش عطشا شديدا ثم أتاها فشربها حتى غلب على عقله فأوتي بالخاتم فختم بين كتفيه فذل وكان ملكه في خاتمه فأتى به سليمان فقال انا قد أمرنا ببناء هذا البيت فقيل لنا لا تسمعن فيه صوت حديد فأتى ببيض الهدهد فجعل عليه زجاجة فجاء الهدهد فدار حولها فجعل يرى بيضه ولا يقدر عليه فذهب فجاء بالماس فوضعها عليه فقطعها حتى أفضى إلى بيضه فاخذوا لماس فجعلوا يقطعون به الحجارة وكان سليمان عليه السلام إذا أرد أن يدخل الخلاء أو الحمام لم يدخل بخاتمه
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»
الفهرست