الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٣١٢
إسرائيل أمر الشيطان فقال بعضهم لبعض هل تنكرون من أمر ملككم ما ننكر عليه قالوا نعم قال اما لقد هلكتم أنتم العامة واما قد هلك ملككم فقالوا والله ان عندكم من هذا الخبر نساؤه معكم فاسألوهن فان كن أنكرن ما أنكرنا فقد ابتلينا فسألوهن فقلن أي والله لقد أنكرنا فلما انقضت مدته انطلق سليمان عليه السلام حتى أتى ساحل البحر فوجد صيادين يصيدون السمك فصادوا سمكا كثيرا غلبهم بعضه فألقوه فأتاهم سليمان عليه السلام فاستطعمهم فاعطوه تلك الحيتان قال لا بل أطعموني من هذا فأبوا فقال أطعموني فإني سليمان فوثب إليه بعضهم بالعصا فضربه غضبا لسليمان فأتى إلى تلك الحيتان التي ألقوا فاخذ منها حوتين فانطلق بهما إلى البحر فغسلهما فشق بطن أحدهما فإذا فيه الخاتم فاخذه فجعله في يده فعاد في ملكه فجاءه الصيادون يبيعون إليه فقال لهم لقد كنت استطعمتكم فلم تطعموني فلم أظلمكم إذ أهنتموني ولم أحمدكم إذ أكرمتموني * وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان سليمان عليه السلام إذا دخل الخلاء أعطى خاتمه أحب نسائه إليه فإذا هو قد خرج وقد وضع له وضوءه فدفع خاتمه إلى امرأته فلبث ما شاء الله وخرج عليها شيطان في صورة سليمان فدفعت الخاتم إليه فضاق ذرعا به فألقاه في البحر فالتقمته سمكة فخرج سليمان عليه السلام على امرأته فسألها الخاتم فقالت قد دفعته إليك فعلم سليمان عليه السلام انه قد ابتلى فخرج وترك ملكه ولزم البحر فجعل يجوع فأتى يوما على صيادين قد صادوا سمكا بالأمس فنبذوه وصادوا يومهم سمكا فهو بين أيديهم فقام عليهم سليمان عليه السلام فقال أطعموني بارك الله فيكم فإني ابن سبيل فلم يلتفتوا إليه ثم عاد فقال لهم مثل ذلك فرفع رجل منهم رأسه إليه فقال ائت ذلك السمك فخذ منه سمكة فاتاه سليمان عليه السلام فاخذ منه أدنى سمكة فلما أخذها إذا فيها ريح فأتى بها البحر فغسلها وشق بطنها فإذا هو بخاتمه فحمد الله وأخذه فتختم به ونطق كل شئ كان حوله من جنوده وفزع الصيادون لذلك فقاموا إليه وحيل بينهم ولم يصلوا إليه ورد الله إليه ملكه * وأخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه ان سليمان بن داود عليه السلام احتجب عن الناس ثلاثة أيام فأوحى الله إليه أن يا سليمان احتجبت عن الناس ثلاثة أيام فلم تنظر في أمور العباد ولم تنصف مظلوما من ظالم وكان ملكه في خاتمه وكان إذا دخل الحمام وضع خاتمه تحت فراشه فجاء الشيطان فاخذه فاقبل الناس على الشيطان فقال سليمان يا أيها الناس أنا سليمان نبي الله فدفعوه فساح أربعين يوما فأتى أهل سفينة فاعطوه حوتا فشقها فإذا هو بالخاتم فيها فتختم به ثم جاء فاخذ بناصيته فقال عند ذلك رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي قال وكان أول من أنكره نساؤه فقال بعضهم لبعض أتنكرون منه شيئا قلن نعم وكان يأتيهن وهن حيض فقال على فذكرت ذلك للحسن فقال ما كان الله يسلطه على نسائه * وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن رافع رضي الله عنه قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال إنه كان في قومه رجل كعمر بن الخطاب في أمتي فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه أرسل إلى أفاضل نسائه فقال هل تكرهن من صاحبكن شيئا فقلن نعم كان لا يأتينا حيضا وهذا يأتينا حيضا فاشتمل على سيفه ليقتله فرد الله على سليمان ملكه فاقبل فوجده في مكانه فأخبره بما يريد * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا قال الجسد الشيطان الذي كان دفع سليمان عليه السلام إليه خاتمه فقذفه في البحر وكان ملك سليمان عليه السلام في خاتمه وكان اسم الجني صخرا * وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وألقينا على كرسيه جسدا قال الجسد الشيطان الذي أكن دفع إليه سليمان خاتمه شيطانا يقال له آصف * وأخرج ابن جرير عن السدى رضي الله عنه في قوله وألقينا على كرسيه جسدا قال الشيطان حين جلس على كرسيه أربعين يوما كان لسليمان عليه السلام مائة امرأة وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة وهي آثر نسائه عنده وآمنهن وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه ولم يأتمن عليه أحدا من الناس غيرها فجاءته يوما من الأيام فقالت إن أخي بينه وبين فلان خصومة وأنا أحب ان تقضى له إذا جاءك فقال نعم ولم يفعل وابتلى فأعطاها خاتمه ودخل المخرج فخرج الشيطان في صورته فقال هات الخاتم فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان وخرج سليمان عليه السلام بعد فسألها تعطيه خاتمه فقالت ألم تأخذه قبل
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست