الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ١٦٨
قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان لي الجنة ان قتلت قال نعم فشد على أعداء الله مكانه فاستشهد وكان أول قتيل قتل ثم أقبل الأسود بن عبد الأسد المخزومي يحلف بآلهته ليشربن من الحوض الذي صنع محمد وليهدمنه فلما دنا من الحوض لقيه حمزة بن عبد المطلب فضرب رجله فقطعها فاقبل يحبو حتى وقع في جوف الحوض واتبعه حمزة حتى قتله ثم نزل عتبة بن ربيعة عن جمله ونادى هل من مبارز ولحقه أخوه شيبة والوليد ابنه فناديا يسألان المبارزة فقام إليهم ثلاثة من الأنصار فاستحيا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فناداهم ان ارجعوا إلى مصافكم وليقم إليهم بنو عمهم فقام حمزة وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب فقتل حمزة عتبة وقتل عبيدة شيبة وقتل على الوليد وضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة وعلى فحمل حتى توفى بالصفراء وعند ذلك نذرت هند بنت عتبة لتأكلن من كبد حمزة ان قدرت عليها فكان قتل هؤلاء النفر قبل التقاء الجمعين وعج المسلمون إلى الله يسألونه النصر حين رأو القتال قد نشب ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى الله يسأله ما وعده ويسأله النصر ويقول اللهم ان ظهر على هذه العصابة ظهر الشرك ولم يقم لك دين وأبو بكر يقول يا رسول الله والذي نفسي بيده لينصرنك الله وليبيضن وجهك فأنزل الله من الملائكة جندا في أكناف العدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله نصره ونزلت الملائكة عليهم السلام ابشر يا أبا بكر فإني قد رأيت جبريل معتجرا يقود فرسا بين السماء والأرض فلما هبط إلى الأرض جلس عليها فتغيب عنى ساعة ثم رأيت على شفته غبارا وقال أبو جهل اللهم انصر خير الدينين اللهم ديننا القديم ودين محمد الحديث ونكص الشيطان على عقبيه حين رأى الملائكة عليهم السلام وتبرأ من نصرة أصحابه وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء كفه من الحصباء فرمى بها وجوه المشركين فجعل الله تلك الحصباء عظيما شأنها لم يترك من المشركين رجلا الا ملأت عينيه والملائكة عليهم السلام يقتلونهم ويأسرونهم ويجدون النفر كل رجل منهم منكبا على وجهه لا يدرى أين يتوجه يعالج التراب ينزعه من عينيه ورجعت قريش إلى مكة منهزمين مغلوبين وأذل الله بوقعة بدر رقاب المشركين والمنافقين فلم يبق بالمدينة منافق ولا يهودي الا وهو خاضع عنقه لوقعة بدر وكان ذلك يوم الفرقان يوم فرق الله بين الشرك والايمان وقالت اليهود تيقنا انه النبي الذي نجد نعته في التوراة والله لا يرفع راية بعد اليوم الا ظهرت ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فدخل من ثنية الوداع ونزل القرآن يعرفهم الله نعمته فيما كرهوا من خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فقال كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا من المؤمنين لكارهون هذه الآية وثلاث آيات معها وقال فيما استجاب للرسول وللمؤمنين إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم الآية وأخرى معها وأنزل فيما غشيهم من النعاس إذ يغشاكم النعاس الآية ثم أخبرهم بما أوحى إلى الملائكة من نصرهم فقال إذا يوحى ربك إلى الملائكة انى معكم الآية والتي بعدها وأنزل في قتل المشركين والقبضة التي رمى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم الآية والتي بعدها وأنزل في استفتاحهم ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ثم أنزل يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله في سبع آيات منها وأنزل في منازلهم إذ أنتم بالعدوة الدنيا الآية والتي بعدها وأنزل فيما تكلم به من رأى قلة المسلمين غر هؤلاء دينهم الآية وأنزل في قتلى المشركين ومن اتبعهم ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الآية وثمان آيات معها * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك انهم لم يظنوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حربا وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتجسس الاخبار ويسأل من لقى من الركبان تخوفا عن أمر الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان ان محمدا صلى الله عليه وسلم قد استنفر لك أصحابه فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشا فليستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم ان محمدا صلى الله عليه وسلم قد عرض لها في أصحابه فخرج سريعا إلى مكة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ واديا يقال له وجران فاتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عن
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست