الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ١٦٩
عيرهم فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال فأحسن ثم قام عمر رضي الله عنه فقال فأحسن ثم المقداد بن عمرو رضي الله عنه فقال يا رسول الله امض لما أمرك الله به فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكم مقاتلون فوالله الذي بعثك لئن سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له وقال له سعد بن معاذ رضي الله عنه لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضنا معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن يلقى منا عدونا غدانا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله تعالى يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله تعالى فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد رضي الله عنه ونشطه ذلك ثم قال سيروا وابشروا فان الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين قال أقبلت عير أهل مكة من الشام فبلغ أهل المدينة ذلك فخرجوا ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد العير فبلغ أهل مكة ذلك فخرجوا فأسرعوا السير إليها لكي لا يغلب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فسبقت العير رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الله عز وجل وعدهم إحدى الطائفتين وكانوا ان يلقوا العير أحب إليهم وأيسر شوكة وأخصر نفرا فلما سبقت العير وفاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين يريد القوم فكره القوم مسيرهم لشوكة القوم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون بينهم وبين الماء رملة دعصة فأصاب المسلمين ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ فوسوس بينهم يوسوسهم تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون مجنبين وأمطر الله عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا فاذهب الله عنهم رجز الشيطان واشف الرمل من إصابة المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم وأمد الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف من الملائكة عليهم السلام فكان جبريل عليه السلام في خمسمائة من الملائكة مجنبة وميكائيل في خمسمائة من الملائكة مجنبة وجاء إبليس في جند معه راية في صورة رجال من بنى مدلج والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال الشيطان للمشركين لا غالب لكم اليوم من الناس وأني جار لكم فلما اصطف القوم قال أبو جهل اللهم أولانا بالحق فانصره ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال يا رب ان تهلك هذه العصابة في الأرض فلن تعبد في الأرض أبدا فقال له جبريل خذ قبضة من التراب فارم به وجوههم فما من المشركين من أحد الا أصاب عينيه ومنخريه وفمه من تلك القبضة فولوا مدبرين وأقبل جبريل عليه السلام فلما رآه إبليس وكان يده في يد رجل من المشركين انتزع إبليس يده ثم ولى مدبرا وشيعته فقال الرجل يا سراقة أتزعم انك لنا جار فقال انى أرى مالا ترون انى أخاف الله والله شديد العقاب فذلك حين رأى الملائكة * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين انها لكم قال الطائفتان إحداهما أبو سفيان أقبل بالعير من الشام والطائفة الأخرى أبو جهل بن هشام معه نفر من قريش فكره المسلمون الشوكة والقتال وأحبوا أن يلتقوا العير وأراد الله ما أراد * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وتودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم قال هي عير أبى سفيان ود أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ان العير كانت لهم وان القتال صرف عنهم * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ويقطع دابر الكافرين أي يستأصلهم * وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر عليك العير ليس دونها شئ فناداه العباس رضي الله عنه وهو في وثاقه أسير انه لا يصلح لك قال ولم قال لان الله انما وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك قال صدقت * قوله تعالى (إذ تستغيثون ربكم) الآيتين * أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو عوانة وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست