تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٦
ورجاؤه هذا من جهات، منها: حسن ظنه بالله سبحانه في كل حال، ومنها: رؤيا يوسف المتقدمة، فإنه كان ينتظرها، ومنها: ما أخبروه عن ملك مصر، أنه يدعو له برؤية ابنه.
وقوله سبحانه: (وتولى عنهم): أي: زال بوجهه عنهم ملتجئا إلى الله: (وقال:
يا أسفي على يوسف).
قال الحسن: خصت هذه الأمة بالاسترجاع، ألا ترى إلى قول يعقوب:
(يا أسفى).
قال * ع *: والمراد يا أسفي، لكن هذه لغة من يرد ياء الإضافة ألفا، نحو:
يا غلاما، ويا أبتا، ولا يبعد أن يجتمع الاسترجاع، ويا أسفى لهذه الأمة، وليعقوب عليه السلام، وروي أن يعقوب عليه السلام / حزن حزن سبعين ثكلى، وأعطي أجر مائة شهيد، وما ساء ظنه بالله قط، رواه الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، (فهو كظيم) بمعنى: كاظم، كما قال: (والكاظمين الغيظ) [آل عمران: 134] ووصف يعقوب بذلك، لأنه لم يشك إلى أحد، وإنما كان يكمد في نفسه، ويمسك همه في صدره، فكان يكظمه، أي: يرده إلى قلبه.
* ت *: وهذا ينظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب...) الحديث، ذكر هذا صلى الله عليه وسلم عند موت ولده إبراهيم، قال ابن المبارك في " رقائقه ": أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله تعالى: (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم)، قال: كظم على الحزن، فلم يقل إلا خيرا انتهى، قال ابن العربي في " أحكامه ": وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال في ابنه إبراهيم: " إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون "، وقال أيضا في الصحيح صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم " انتهى. خرجه البخاري وغيره.
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة