الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٢٧٢
تحصيل الزيادة بمثل الهبة والمصالحة لشاع وذاع، على حد نظائره من المسائل الشرعية، بل الأمر فيما نحن فيه أشد، لما عرفت من شدة الرغبة ونهاية المشقة، مع رغبة المستقرضين لاحتياجهم، وتشابه أجزاء الزمان، وبني نوع الإنسان.
هذا حال استدلالهم على تعميمهم الربا في المعاملات.
وأنت لو تأملت وجدت أن هذا الدليل كما يدل على ذلك التعميم يدل - أيضا - على بطلان الحيل التي يرتكبها هؤلاء الأعلام، بل ودلالته أشد وأظهر، لوجود الخلاف في ذلك بين المسلمين، وعدم وجدان خلاف هاهنا، فأي عاقل يرضى بأن يقول: أقرضك ألف تومان على أن تعطيني تومانا زائدا، أو بشرط أن تعطيني عشر معشار فلس، ويعرض نفسه لهلكات الدنيا والآخرة، ولا يرضى أن يقول: أن تهب لي تومانا، موضع: تعطيني تومانا، وليس فيه حزازة أصلا لا في الدنيا ولا في الآخرة - كما توهم - بل ولا يرضى أن يقول موضع تعطيني تومانا: تهب لي مائة تومان أو ألف تومان، أو يقول تهب لي ألف تومان بإزاء فلس تأخذ مني.
والشاهدون أعرف بالخطاب من الغائبين، أتظن أنهم بأجمعهم كانوا عشاق لفظ (تعطيني) أو ما ماثله؟! كلا، بل وكانوا محبين للمال، وعرض الدنيا من دون تعب في تحصيله، ولا خوف في تلف أو خسران، لأن التجارة لا تخلو من التعب وخوف الخسارة، ومع ذلك لا شك في أن الله تعالى أشفق على عباده منكم، وكذلك رسوله (صلى الله عليه وآله)، مع أنهما يحبان اليسر والتوسعة في الدين والسهولة والسماحة، فلم أبقيا العباد في الضيق والشدة، وما أرشداهم إلى طريقة التخلص والحيلة، وتركاهم عاصين متمردين، وفي الطغيان متمادين؟!
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست