الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٢٧٠
عقدا أو معاوضة.
هذا، مع أن الكلام في صحة هذه المعاملة، أو عدم صحتها سيجئ، فانتظر.
وأما ما دل على فتوى الفقهاء من غير جهة الخبر:
فمنها:
ما استدل به لما ذهب إليه فقهاؤنا - سوى العلامة - من عدم اختصاص الربا بالبيع والقرض، بل هو جار في جميع المعاملات أيضا، من أنه لو كان مختصا بهما لما وقع آكلوا الربا في الضيق الشديد، وما صاروا معرضا للوعيد والتهديد ، وما خالفوا الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله)، مع ما في المخالفة من خطر الدنيا والآخرة، ولما بقوا على مخالفتهم إلى أن نزل فيهم: * (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) * (1)، وغير ذلك، إذ غرضهم ما كان إلا تحصيل المنفعة من دون مضايقة في حصولها من المصالحة أو الهبة أو القرض أو المبايعة وغير ذلك.
والحاصل، أن أمة الرسول (صلى الله عليه وآله) وغيرهم، كانوا مشغوفين بأكل الربا، حريصين عليه على عاداتهم الجاهلية، فلما أنزل حرمة الربا فمنهم من أطاع الله، أو خوفا منه، أو خوفا من مؤاخذة الرسول (صلى الله عليه وآله)، على تفاوت حالاتهم.
وكان الترك شاقا عليهم، حتى أن بعضهم من شدة المشقة ما ترك أصلا، وما أطاع الرسول (صلى الله عليه وآله)، مع كونه من أمته واختياره إطاعته في جميع الأمور، واختار عظيم خطر المؤاخذة الدنيوية والعقوبة الأخروية على تلك المشقة إلى أن نزل فيهم ما نزل.
ومع ذلك بقي جمع من الأمة على التمرد والعصيان، في البلدان والأزمان، إلى هذا الزمان، فلو كان أهل الصدر الأول - الذين هم المخاطبون في التكليفات،

(1) البقرة (2): 279.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست