مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٤٣٥
أبلغ من الكفور لقوله (كل كفار عنيد) وقال (إن الله لا يحب كل كفار أثيم - إن الله لا يهدى من هو كاذب كفار - إلا فاجرا كفارا) وقد أجرى الكفار مجرى الكفور في قوله (إن الانسان لظلوم كفار) والكفار في جمع الكافر المضاد للايمان أكثر استعمالا كقوله (أشداء على الكفار) وقوله ليغيظ بهم الكفار) والكفرة في جمع كافر النعمة أشد استعمالا وفى قوله (أولئك هم الكفرة الفجرة) ألا ترى أنه وصف الكفرة بالفجرة؟
والفجرة قد يقال للفساق من المسلمين. و قوله (جزاء لمن كان كفر) أي من الأنبياء ومن يجرى مجراهم ممن بذلوا النصح في أمر الله فلم يقبل منهم. وقوله (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا) قيل عنى بقوله إنهم آمنوا بموسى ثم كفروا بمن بعده.
والنصارى آمنوا بعيسى ثم كفروا بمن بعده.
وقيل آمنوا بموسى ثم كفروا بموسى إذ لم يؤمنوا بغيره، وقيل هو ما قال (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي) إلى قوله: (واكفروا آخره) ولم يرد أنهم آمنوا مرتين وكفروا مرتين، بل ذلك إشارة إلى أحوال كثيرة.
وقيل كما يصعد الانسان في الفضائل في ثلاث درجات ينعكس في الرذائل في ثلاث درجات والآية إشارة إلى ذلك، وقد بينته في كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة. ويقال كفر فلان إذا اعتقد الكفر، ويقال ذلك إذا أظهر الكفر وإن لم يعتقد ولذلك قال (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان) ويقال كفر فلان بالشيطان إذا كفر بسببه، وقد يقال ذلك إذا آمن وخالف الشيطان كقوله (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله) وأكفره إكفارا حكم بكفره، وقد يعبر عن التبري بالكفر نحو (ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض) الآية وقوله تعالى: (إني كفرت بما أشركتموني من قبل) وقوله (كمثل غيث أعجب الكفار نباته) قيل عنى بالكفار الزراع لأنهم يغطون البذر في التراب ستر الكفار حق الله تعالى بدلالة قوله: (يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار) ولان الكافر لا اختصاص له بذلك وقيل بل عنى الكفار، وخصهم بكونهم معجبين بالدنيا وزخارفها وراكنين إليها.
والكفارة ما يغطى الاثم ومنه كفارة اليمين نحو قوله (ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) وكذلك كفارة غيره من الآثام ككفارة القتل والظهار قال (فكفارته إطعام عشرة مساكين) والتكفير ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل ويصح أن يكون أصله إزالة الكفر والكفران نحو التمريض في كونه إزالة للمرض وتقذية العين في إزالة القذى عنه، قال: (ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»
الفهرست