مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٣١٠
التفاؤل بالطير ثم يستعمل في كل ما يتفاءل به ويتشاءم، قالوا (إنا تطيرنا بكم) ولذلك قيل لا طير إلا طيرك وقال (إن تصبهم سيئة يطيروا) أي يتشاءموا به (ألا إنما طائرهم عند الله) أي شؤمهم ما قد أعد الله لهم بسوء أعمالهم. وعلى ذلك قوله (قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله - قالوا طائركم معكم - وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) أي عمله الذي طار عنه من خير وشر، ويقال تطايروا إذا أسرعوا ويقال إذا تفرقوا، قال الشاعر:
* طاروا إليه زرافات ووحدانا * وفجر مستطير أي فاش، قال (ويخافون يوما كان شره مستطيرا) وغبار مستطار خولف بين بنائهما فتصور الفجر بصورة الفاعل فقيل مستطير، والغبار بصورة المفعول فقيل مستطار وفرس مطار للسريع ولحديد الفؤاد وخذ ما طار من شعر رأسك أي ما انتشر حتى كأنه طار.
طوع: الطوع الانقياد ويضاده الكره قال (ائتيا طوعا أو كرها - وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها) والطاعة مثله لكن أكثر ما تقال في الائتمار لما أمر والارتسام فيما رسم، قال (ويقولون طاعة - طاعة وقول معروف) أي أطيعوا وقد طاع له يطوع وأطاعه يطيعه، قال (وأطيعوا وقد طاع له يطوع وأطاعه يطيعه، قال (وأطيعوا الرسول - من يطع الرسول فقد أطاع الله - ولا تطع الكافرين) وقوله في صفة جبريل عليه السلام: (مطاع ثم أمين) والتطوع في الأصل تكلف الطاعة وهو في التعارف التبرع بما لا يلزم كالتنفل، قال (فمن تطوع خيرا فهو خير له) وقرئ (ومن يطوع خيرا) والاستطاعة استفالة من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا وهي عند المحققين اسم للمعاني التي بها يتمكن الانسان مما يريده من إحداث الفعل وهي أربعة أشياء: بنية مخصوصة للفاعل. وتصور للفعل، ومادة قابلة لتأثيره، وآلة إن كان الفعل آليا كالكتابة فإن الكاتب يحتاج إلى هذه الأربعة في إيجاده للكتابة، وكذلك يقال فلان غير مستطيع للكتابة إذا فقد واحدا من هذه الأربعة فصاعدا، ويضاده العجز وهو أن لا يجد أحد هذه الأربعة فصاعدا، ومتى وجد هذه الأربعة كلها فمستطيع مطلقا ومتى فقدها فعاجز مطلقا، ومتى وجد بعضها دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه، ولان يوصف بالعجز أولى. والاستطاعة أخص من القدرة، قال (لا يستطيعون نصر أنفسهم - فما استطاعوا من قيام - من استطاع إليه سبيلا) فإنه يحتاج إلى هذه الأربعة، وقوله عليه السلام " الاستطاعة الزاد والراحلة " فإنه بيان ما يحتاج إليه من الآلة وخصه بالذكر دون الاخر إذ كان معلوما من حيث العقل ومقتضى
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»
الفهرست