تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٣١
أرباب الأصنام أولياء فهم أولياؤهم على ما زعموا كما قال بالبناء على مزعمتهم بنوع من التهكم: (والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت) البقرة: 257، ونفى ولايتهم بالبناء على حقيقة الامر فقال: (وأن الكافرين لا مولى لهم) ثم نفى ولايتهم مطلقا تكوينا وتشريعا مطلقا فقال: (أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي) الشورى: 9، وقال: (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم) النجم: 23.
فمعنى الآية: أن نصره تعالى للمؤمنين وتثبيته أقدامهم وخذلانه الكفار وإضلاله أعمالهم وعقوبته لهم إنما ذلك بسبب أنه تعالى مولى المؤمنين ووليهم، وأن الكفار لا مولى لهم فينصرهم ويهدي أعمالهم وينجيهم من عقوبته.
وقد تبين بما تقدم ضعف ما قيل: إن المولى في الآية بمعنى الناصر دون المالك وإلا كان منافيا لقوله تعالى: (وردوا إلى الله مولاهم الحق) يونس: 30، ووجه الضعف ظاهر.
قوله تعالى: (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم) مقايسة بين الفريقين وبيان أثر ولاية الله للمؤمنين وعدم ولايته للكفار من حيث العاقبة والآخرة وهي أن المؤمنين يدخلون الجنة والكفار يقيمون في النار.
وقد أشير في الكلام إلى منشأ ما ذكر من الأثر حيث وصف كلا من الفريقين بما يناسب مال حاله فأشار إلى صفة المؤمنين بقوله: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وإلى صفة الكفار بقوله: (يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام) فأفاد الوصفان بما بينهما من المقابلة أن المؤمنين راشدون في حياتهم الدنيا مصيبون للحق حيث آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحة فسلكوا سبيل الرشد وقاموا بوظيفة الانسانية، وأما الكفار فلا عناية لهم بإصابة الحق ولا تعلق لقلوبهم بوظائف الانسانية، و إنما همهم بطنهم وفرجهم يتمتعون في حياتهم الدنيا القصيرة ويأكلون كما تأكل الانعام لا منية لهم إلا ذلك ولا غاية لهم وراءه.
فهؤلاء أي المؤمنون تحت ولاية الله حيث يسلكون مسلكا يريده منهم ربهم ويهديهم إليه ولذلك يدخلهم في الآخرة جنات تجري من تحتها الأنهار، وأولئك أي الكفار ما لهم من ولي وإنما وكلوا إلى أنفسهم ولذلك كان مثواهم ومقامهم النار.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست