تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٢٩
ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم - 15. (بيان) الآيات جارية على السياق السابق.
قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) تحضيض لهم على الجهاد ووعد لهم بالنصر إن نصروا الله تعالى فالمراد بنصرهم لله أن يجاهدوا في سبيل الله على أن يقاتلوا لوجه الله تأييدا لدينه وإعلاء لكلمة الحق لا ليستعلوا في الأرض أو ليصيبوا غنيمة أو ليظهروا نجدة وشجاعة.
والمراد بنصر الله لهم توفيقه الأسباب المقتضية لظهورهم وغلبتهم على عدوهم كإلقاء الرعب في قلوب الكفار وإدارة الدوائر للمؤمنين عليهم وربط جأش المؤمنين وتشجيعهم، وعلى هذا فعطف تثبيت الاقدام على النصر من عطف الخاص على العام وتخصيص تثبيت الاقدام، وهو كناية عن التشجيع وتقوية القلوب، لكونه من أظهر أفراد النصر.
قوله تعالى: (والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم) ذكر ما يفعل بالكفار عقيب ذكر ما يفعل بالمؤمنين الناصرين لله لقياس حالهم من حالهم.
والتعس هو سقوط الانسان على وجهه وبقاؤه عليه ويقابله الانتعاش وهو القيام عن السقوط على الوجه فقوله: (تعسا لهم) أي تعسوا تعسا وهو ما يتلوه دعاء عليهم نظير قوله: (قاتلهم الله أني يؤفكون) التوبة: 30، (قتل الانسان ما أكفره) عبس:
17، ويمكن أن يكون إخبارا عن تعسهم وبطلان أثر مساعيهم على نحو الكناية فإن الانسان أعجز ما يكون إذا كان ساقطا على وجهه.
قوله تعالى: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) المراد بما أنزل الله هو القرآن والشرائع الاحكام التي أنزلها الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بإطاعتها والانقياد لها فكرهوها واستكبروا عن اتباعها.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست