تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٢٥
الكفار أن يقتلوهم ويأسروهم ليحيا الحق الذي عليه المؤمنون وتطهر الأرض من الباطل الذي عليه الكفار.
فقوله: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) المراد باللقاء اللقاء في القتال وضرب الرقاب مفعول مطلق قائم مقام فعله العامل فيه، والتقدير: فاضربوا الرقاب - أي رقابهم - ضربا وضرب الرقبة كناية عن القتل بالسيف، لان أيسر القتل وأسرعه ضرب الرقبة به.
وقوله: (حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق) في المجمع: الاثخان إكثار القتل وغلبة العدو وقهرهم ومنه أثخنه المرض اشتد عليه وأثخنه الجراح. انتهى. وفي المفردات: وثقت به أثق ثقة سكنت إليه واعتمدت عليه، وأوثقته شددته، والوثاق - بفتح الواو - والوثاق - بكسر الواو - اسمان لما يوثق به الشئ. انتهى. و (حتى) غاية لضرب الرقاب، والمعنى: فاقتلوهم حتى إذا أكثرتم القتل فيهم فأسروهم بشد الوثاق وإحكامه فالمراد بشد الوثاق الأسر فالآية في ترتب الأسر فيها على الاثخان في معنى قوله تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) الأنفال: 67.
وقوله: (فإما منا بعد وإما فداء) أي فأسروهم ويتفرع عليه أنكم إما تمنون عليهم منا بعد الأسر فتطلقونهم أو تسترقونهم وإما تفدونهم فداء بالمال أو بمن لكم عندهم من الأسارى.
وقوله: (حتى تضع الحرب أوزارها) أوزار الحرب أثقالها وهي الأسلحة التي يحملها المحاربون والمراد به وضع المقاتلين وأهل الحرب أسلحتهم كناية عن انقضاء القتال.
وقد تبين بما تقدم من المعنى ما في قول بعضهم إن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى:
(ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) الأنفال: 67، لان هذه السورة متأخرة نزولا عن سورة الأنفال فتكون ناسخة لها.
وذلك لعدم التدافع بين الآيتين فآية الأنفال تنهى عن الأسر قبل الاثخان والآية المبحوث عنها تأمر بالأسر بعد الاثخان.
وكذا ما قيل: إن قوله: (فشدوا الوثاق) الخ، منسوخ باية السيف (فاقتلوا
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست