تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٢٣
من النعمة والكرامة وصفات أولئك من النقمة والهوان وعلى الجملة فيها المقايسة بين الفريقين في صفاتهم وأعمالهم في الدنيا وما يترتب عليها في الأخرى، وفيها بعض ما يتعلق بالقتال من الاحكام.
وهي سورة مدنية على ما يشهد به سياق آياتها.
قوله تعالى: (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم) فسر الصد بالاعراض عن سبيل الله وهو الاسلام كما عن بعضهم، وفسر بالمنع وهو منعهم الناس أن يؤمنوا بما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعوهم إليه من دين التوحيد كما عن بعض آخر.
وثاني التفسيرين أوفق لسياق الآيات التالية وخاصة ما يأمر المؤمنين بقتلهم وأسرهم وغيرهم.
فالمراد بالذين كفروا كفار مكة ومن تبعهم في كفرهم وقد كانوا يمنعون الناس عن الايمان بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ويفتنونهم، وصدوهم أيضا عن المسجد الحرام.
وقوله: (أضل أعمالهم) أي جعل أعمالهم ضالة لا تهتدي إلى مقاصدها التي قصدت بها وهي بالجملة إبطال الحق وإحياء الباطل فالجملة في معنى ما تكرر منه تعالى من قوله: (والله لا يهدي القوم الكافرين) البقرة: 264، وقد وعد سبحانه بإحياء الحق وإبطال الباطل كما في قوله: (ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) الأنفال: 8.
فالمراد من ضلال أعمالهم بطلانها وفسادها دون الوصول إلى الغاية، وعد ذلك ضلالا من الاستعارة بالكناية.
قوله تعالى: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم) الخ، ظاهر إطلاق صدر الآية أن المراد بالذين آمنوا الخ، مطلق من آمن وعمل صالحا فيكون قوله: (وآمنوا بما نزل على محمد) تقييدا احترازيا لا تأكيدا وذكرا لما تعلقت به العناية في الايمان.
وقوله: (وهو الحق من ربهم) جملة معترضة والضمير راجع إلى ما نزل.
وقوله: (كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) قال في المجمع: البال الحال والشأن والبال القلب أيضا يقال: خطر ببالي كذا، والبال لا يجمع لأنه أبهم أخواته من الحال والشأن. انتهى.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست