تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٠
الأقوياء العالين إلى بني إسرائيل الأذلاء المستضعفين وتبدل من الأسباب ما كان على بني إسرائيل لهم وما كان لآل فرعون عليهم والله يحكم لا معقب لحكمه.
قوله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم (إلى آخر الآية، الايحاء هو التكليم الخفي ويستعمل في القرآن في تكليمه تعالى بعض خلقه بنحو الالهام والالقاء في القلب كما في قوله: (بأن ربك أوحى لها) الزلزال: 5، وقوله: (وأوحى ربك إلى النحل) النحل: 68، وقوله في أم موسى:
(وأوحينا إلى أم موسى) الآية أو بنحو آخر كما في الأنبياء والرسل، وفى غيره تعالى كما في قوله: (ان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) الانعام: 121، والالقاء الطرح، واليم البحر والنهر الكبير.
وقوله: (وأوحينا إلى أم موسى) في الكلام ايجاز بالحذف والتقدير وحبلت أم موسى به - والحال هذه الحال من الشدة والحدة - ووضعته وأوحينا إليها الخ.
والمعنى. وقلنا بنوع من الالهام لام موسى لما وضعته: أرضعيه ما دمت لا تخافين عليه من قبل فرعون فإذا خفت عليه - أن يطلع عليه آل فرعون فيأخذوه ويقتلوه - فألقيه في البحر وهو النيل على ما وردت به الرواية ولا تخافي عليه القتل ولا تحزني لفقده ومفارقته إياك انا رادوه إليك بعد ذلك وجاعلوه من المرسلين فيكون رسولا إلى آل فرعون وبنى إسرائيل.
فقوله: (انا رادوه إليك) تعليل للنهي في قوله: (ولا تحزني) كما يشهد به أيضا قوله بعد: (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن) والفرق بين الخوف والحزن بحسب المورد أن الخوف إنما يكون في مكروه محتمل الوقوع والحزن في مكروه قطعي الوقوف.
قوله تعالى: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) الالتقاط إصابة الشئ وأخذه من غير طلب، ومنه اللقطة واللام في قوله: (ليكون لهم عدوا وحزنا) للعاقبة - على ما قيل - والحزن بفتحتين والحزن بالضم فالسكون بمعنى واحد كالسقم والسقم، والمراد بالحزن سبب الحزن فاطلاق الحزن عليه مبالغة في سببيته لحزنهم.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست