تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٤٣
فلم يزل موسى عليه السلام يدعوه وملأه ويريهم الآية بعد الآية كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات وهم يصرون على استكبارهم، وكلما وقع عليهم الرجز قالوا: يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشف الله عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون.
فأمره الله أن يسرى بني إسرائيل ليلا فساروا حتى بلغوا ساحل البحر فعقبهم فرعون بجنوده فلما تراءى الفريقان قال أصحاب موسى أنا لمدركون قال كلا ان معي ربى سيهدين فامر بأن يضرب بعصاه البحر فانفلق الماء فجاوزوا البحر وأتبعهم فرعون وجنوده حتى إذا أدار كوا فيها جميعا أطبق الله عليهم الماء فأغرقهم عن آخرهم.
ولما أنجاهم الله من فرعون وجنوده وأخرجهم إلى البر ولا ماء فيه ولا كلاء أكرمهم الله فأنزل عليهم المن والسلوى وأمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم فشربوا منها وأكلوا منهما وظللهم الغمام.
ثم واعد الله موسى أربعين ليلة لنزول التوراة بجبل الطور فاختار قومه سبعين رجلا ليسمعوا تكليمه تعالى إياه فسمعوا ثم قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون ثم أحياهم الله بدعوة موسى، ولما تم الميقات أنزل الله عليه التوراة وأخبره أن السامري قد أضل قومه بعده فعبدوا العجل.
فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا فأحرق العجل ونسفه في اليم وطرد السامري وقال له: اذهب فان لك في الحياة أن تقول لا مساس وأما القوم فأمروا أن يتوبوا ويقتلوا أنفسهم فتيب عليهم بعد ذلك ثم استكبروا عن قبول شريعة التوراة حتى رفع الله الطور فوقهم.
ثم انهم ملوا المن والسلوى وقالوا لن نصبر على طعام واحد وسألوه أن يدعو ربه أن يخرج لهم مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها فأمروا أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم فأبوا فحرمها الله عليهم وابتلاهم بالتيه يتيهون في الأرض أربعين سنه.
ومن قصص موسى عليه السلام ما ذكره الله في سورة الكهف من مضيه مع فتاه إلى
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست