تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٠٩
(بيان) غرض السورة كما يومى إليه فاتحتها وخاتمتها ويشير إليه سياق عامة آياتها الدعوة إلى التوحيد والايقان بالمعاد والاخذ بكليات شرائع الدين.
ويلوح من صدر السورة أنها نزلت في بعض المشركين حيث كان يصد الناس عن استماع القرآن بنشر بعض أحاديث مزوقة ملهية كما ورد فيه الأثر في سبب نزول قوله:
(ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) الآية، وسيوافي حديثه.
فنزلت السورة تبين أصول عقائد الدين وكليات شرائعه الحقة وقصت شيئا من خبر لقمان الحكيم ومواعظه تجاه أحاديثهم الملهية.
والسورة مكية بشهادة سياق آياتها. ومن غرر الآيات فيها قوله تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل) الآية.
قوله تعالى: (تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين - إلى قوله - يوقنون) تقدم تفسير مفردات هذه الآيات في السور السابقة.
وقد وصف الكتاب بالحكيم اشعارا بأنه ليس من لهو الحديث من شئ بل كتاب لا انثلام فيه ليداخله لهو الحديث وباطل القول، ووصفه أيضا بأنه هدى ورحمة للمحسنين تتميما لصفة حكمته فهو يهدى إلى الواقع الحق ويوصل إليه لا كاللهو الشاغل للانسان عما يهمه، وهو رحمة لا نقمة صارفة عن النعمة.
ووصف المحسنين بإقامة الصلاة وايتاء الزكاة اللتين هما العمدتان في الأعمال وبالايقان بالآخرة ويستلزم التوحيد والرسالة وعامة التقوى، كل ذلك مقابلة الكتاب للهو الحديث المصغى إليه لمن يستمع لهو الحديث.
قوله تعالى: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا) الخ، اللهو ما يشغلك عما يهمك، ولهو الحديث: الحديث الذي يلهى عن الحق بنفسه كالحكايات الخرافية والقصص الداعية إلى الفساد والفجور، أو بما يقارنه كالتغني بالشعر أو بالملاهي والمزامير والمعازف فكل ذلك يشمله لهو الحديث.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست