تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٦٣
يقول الله: (لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) قال سفيان: سمعت أنهم قد ظهروا يوم بدر.
أقول: وفى هذا المعنى روايات أخر مختلفة المضامين في الجملة ففي بعضها أن المقامرة كانت بين أبى بكر وأبى بن خلف وفى بعضها أنها كانت بين المسلمين والمشركين وكان أبو بكر من قبل المسلمين وأبى من قبل المشركين، وفى بعضها أنها كانت بين الطائفتين، وفى بعضها بين أبى بكر وبين المشركين كما في هذه الرواية.
ثم الاجل المضروب في بعضها ثلاث سنين، وفى بعضها خمس، وفى بعضها ست، وفى بعضها سبع سنين.
وفى بعضها أن الاجل المضروب أولا انقضى بمكة وهو سبع سنين فمادهم أبو بكر سنتين بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فغلبت الروم، وفى بعضها خلافه.
ثم في بعضها أن الاجل الثاني انقضى بمكة وفى بعضها أنه انقضى بعد الهجرة وكانت غلبة الروم يوم بدر، وفى بعضها يوم الحديبية.
وفى بعضها أن أبا بكر لما قمرهم بغلبة الروم أخذ منهم الخطر وهو مائة قلوص وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: انه سحت تصدق به.
والذي تتفق فيه الروايات أنه قامرهم فقمرهم وكان القمار بإشارة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووجه ذلك بأنه كان قبل تحريم القمار فإنه حرم مع الخمر في سورة المائدة وقد نزلت في آخر عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد تحقق بما قدمناه في تفسير آية الخمر والميسر أن الخمر كانت محرمة من أول البعثة وكان من المعروف من الدين أنه يحرم الخمر والزنا.
على أن الخمر والميسر من الاثم بنص آية البقرة: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير) الآية البقرة: 219. والاثم محرم بنص آية الأعراف: (قل انما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي) الآية الأعراف: 33، والأعراف من العتائق النازلة بمكة فمن الممتنع أن يشير النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمقامرة.
وعلى تقدير تأخر الحرمة إلى آخر عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشكل قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر لما أتى بالخطر إليه انه سحت ثم قوله: تصدق به. فلا سبيل إلى تصحيح شئ من ذلك
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست