تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٨٤
عن عطية (رض) في قوله: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم يعنى المشركين حتى يخرجك منهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون قال: يعنى المؤمنين: ثم أعاد المشركين فقال: وما لهم ان لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام.
وفيه اخرج ابن أبى حاتم عن السدى (رض) في قوله: وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون يقول: لو استغفروا وأقروا بالذنوب لكانوا مؤمنين، وفي قوله:
وما لهم ان لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام يقول: وكيف لا أعذبهم وهم لا يستغفرون.
وفيه اخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد (رض) في قوله: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) قال: بين أظهرهم (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) قال: يسلمون.
وفيه اخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك (رض) (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) يعنى أهل مكة وما كان الله معذبهم - وفيهم المؤمنون يستغفرون.
وفيه اخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن عكرمة والحسن رضى عنهما في قوله: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) قالا: نسختها الآية التي تليها:
(وما لهم ان لا يعذبهم الله) فقوتلوا بمكة فأصابهم فيها الجوع والحصر.
أقول: عدم انطباقها على الآية بظاهرها المؤيد بسياقها ظاهر، وإنما دعاهم إلى هذه التكلفات الاحتفاظ باتصال الآية في التأليف بما قبلها وما قبلها من الآيات المتعرضة لحال مشركي أهل مكة، ومن عجيب ما فيها تفسير العذاب في الآية بفتح مكة، ولم يكن إلا رحمة للمشركين والمؤمنين جميعا.
وفيه اخرج الترمذي عن أبي موسى الأشعري (رض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: انزل الله على أمانين لامتي - وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم - وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة.
أقول: مضمون الرواية مستفاد من الآية، وقد روى ما في معناها عن أبي هريرة وابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم ورواها في نهج البلاغة عن علي عليه السلام.
وفي ذيل هذه الرواية شئ، وهو انه لا يلائم ما مر في البيان المتقدم من إيعاد
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست