تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٥٦
الخنزير، وذلك إذا نزل عيسى بن مريم عليه السلام.
أقول: والمراد بوضع الجزية ان تصير متروكة لا حاجة إليها لعدم الموضوع بقرينة صدر الحديث، وما دلت عليه هذه الروايات من عدم بقاء كفر ولا شرك يومئذ يؤيدها روايات أخرى، وهناك روايات أخرى تدل على وضع المهدي عليه السلام الجزية على أهل الكتاب بعد ظهوره.
وربما أيده قوله تعالى في أهل الكتاب: (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) المائدة: 64، (فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) المائدة: 14، وما في معناه من الآيات فإنها لا تخلو من ظهور ما في بقائهم إلى يوم القيامة إن لم تكن كناية عن ارتفاع المودة بينهم ارتفاعا أبديا، وقد تقدم في ذيل الآيات بعض الكلام في هذا المعنى.
وفي الدر المنثور أيضا أخرج ابن الضريس عن علباء بن احمر أن عثمان بن عفان لما أراد ان يكتب المصاحف أرادوا ان يلقوا الواو التي في براءة: (والذين يكنزون الذهب والفضة) قال أبى: لتلحقنها أو لأضعن سيفى على عاتقي فألحقوها.
وفى أمالي الشيخ قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل وساق إسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نزلت هذه الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) كل ما يؤدى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع ارضين، وكل مال لا يؤدى زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض.
أقول: وروى ما في معناه في الدر المنثور عن ابن عدي والخطيب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذا بطرق أخرى عن ابن عباس وغيره.
وفيه أيضا باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه أبى جعفر عليه السلام أنه سئل عن الدنانير والدراهم وما على الناس. فقال أبو جعفر عليه السلام: هي خواتيم الله في ارضه جعلها الله مصلحة لخلقه، وبها يستقيم شؤونهم ومطالبهم فمن أكثر له منها فقام بحق الله تعالى فيها ادى زكاتها فذاك الذي طلبه، وخلص له، ومن أكثر له منها فبخل بها ولم يؤد حق الله فيها واتخذ منها الابنية فذاك الذي حق عليه وعيد الله عز وجل في كتابه يقول الله تعالى (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست