تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٣
(بحث روائي) في المجمع قال ابن عباس: لما كان يوم بدر واصطف القوم للقتال قال أبو جهل:
اللهم أولانا بالنصر فانصره، واستغاث المسلمون فنزلت الملائكة ونزل قوله: (إذ تستغيثون ربكم) إلى آخره وقيل: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما نظر إلى كثرة عدد المشركين وقلة عدد المسلمين استقبل القبلة وقال: اللهم انجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض فما زال يهتف ربه مادا يديه حتى سقط رداؤه من منكبيه فأنزل الله:
(إذ تستغيثون ربكم) الآية: عن عمر بن الخطاب والسدي وأبي صالح وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام.
قال: ولما أمسى رسول الله وجنه الليل ألقى الله على أصحابه النعاس وكانوا قد نزلوا في موضع كثير الرمل لا تثبت فيه قدم فأنزل الله عليهم المطر رذاذا حتى لبد الأرض وثبت أقدامهم وكان المطر على قريش مثل العزالى، وألقى الله في قلوبهم الرعب كما قال الله تعالى: (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب).
أقول: لفظ الآية (إذ تستغيثون ربكم) الخ لا يلائم نزولها يوم بدر عقيب استغاثتهم بل السياق يدل على نزولها مع قوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال) والآيات التالية له وهي تدل على حكاية حال ماضية وامتنانه تعالى على المسلمين بما أنزل عليهم من آيات النصر وتفاريق النعم ليشكروا له ويطيعوه فيما يأمرهم وينهاهم.
ولعل المراد من ذكر نزول الآية بعد ذكر استغاثتهم انطباق مضمون الآية على الواقعة، وهو كثير النظير في الروايات المشتملة على أسباب النزول.
وفي تفسير البرهان عن ابن شهرآشوب: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العريش: اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد بعد هذا اليوم فنزل: (إذ تستغيثون ربكم) فخرج يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر فأيده الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، وكثرهم في أعين المشركين، وقلل المشركين في أعينهم فنزل: (وهم بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعدوة الدنيا عند القليب.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست