تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٣٢
أشبه الناس بالصدى إن تحدثه * حديثا أعاده في الحال (فإن أهجه يضجر كما ضجر بازل * من الأدم دبرت صفحتاه وغاربه) عند قوله تعالى (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) حيث قرئ لعلمه بإسكان اللام. البازل: الشاب من الإبل.
والأدم جمع آدم وأدماء وهو الشديد البياض، وصفحتاه لأنهما أرق جاودا. يقول: إن أهجه يضجر كما يضجر الدبر من النوق حين يحمل عليه الحمل الثقيل. قال في الصحاح: وقد خفف ضجر ودبرت في الأفعال كما يخفف فخذ في الأسماء.
(كطود يلاذ بأركانه * عزيز المراغم والمذاهب) هو للنابغة الجعدي عند قوله تعالى (يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة) والرغم: الذل والهوان وأصله لصوق الأنف بالرغام وهو التراب، يقال راغمت الرجل إذا فارقته وهو يكره مفارقتك لمذلة تلحقه في ذلك. والطود:
الجبل. يلاذ: أي يلجأ. عزيز المراغم: أي شديد المسالك، والمراغمة: المهاجرة.
(عجبت والدهر كثير عجبه * من عنزى سبني لم أضربه) عند قوله تعالى (ثم يدركه الموت) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وقيل رفع الكاف منقول من الهاء كأنه أراد أن يقف عليها ثم نقل حركة الهاء إلى الكاف كقوله من عنزى; وعنزة: أبو حي من ربيعة، أصله لم أضربه بسكون الباء وضم الهاء.
(قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم * شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا) عند قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) يقال وفى بالعهد وأوفى به (والموفون بعهدهم). والعقد:
الموثق شبه بعقد الحبل ونحوه كما قال الحطيئة. والعناج ككتاب: حبل يشد في أسفل الدلو العظيمة ثم يشد في العراقي وهى جمع عرقوة بفتح العين، والعرقوتان: الخشبتان اللتان تعرضان على الدلو كالصليب وجمعها العراقي.
والكرب بالتحريك: الحبل يشد في الوسط العراقي ليلى الماء فلا يعفن الحبل الكبير. والمراد بالقوم بنو أنف الناقة، وكان هذا لقبا في غاية الشناعة، فأبرزه الحطيئة في صورة المدح وكمال الرياسة حيث قال بعد هذا البيت:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم * ومن يسوى بأنف الناقة الذنبا وفى البيت إشارة إلى كون العقد بمعنى العهد مستعارا من عقد الحبل حيث رشح ذلك بذكر الحبل والدلو وما يتعلق بهما.
دعاك الهوى والشوق لما ترنحت * هتوف الضحى بين الغصون طروب تجاوبها ورق أرعن لصوتها * فكل لكل مسعب ومجيب (فمن يك أمسى بالمدينة رحله * فإني وقيار بها لغريب) هو لضابئ بن الحارث البرجمي عند قوله تعالى (إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به) حيث وحد الضمير في قوله ليفتدوا به وقد ذكر شيئان، ومثله قول حسان:
إن شرخ الشباب والشعر الأسود * ما لم يعارض كان جنونا وإلا فاعلموا أنا وأنتم * بغاة ما بقينا في شقاق
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست