إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ١٠٤
في المستقبل، وأصلها في المستقبل الكسر، وهو قولك يسع، ولولا ذلك لم تحذف كما لم تحذف في يوجل ويوجل، وإنما فتحت من أجل حرف الحلق، فالفتحة عارضة فأجرى عليها حكم الكسرة، ثم جعلت في المصدر مفتوحة لتوافق الفعل، ويدلك على ذلك أن قولك وعد يعد مصدره عدة بالكسر لما خرج على أصله، و (من المال) نعت للسعة (في العلم) يجوز أن يكون نعتا للبسطة، وأن يكون متعلقا بها، و (واسع) قيل هو على معنى النسب: أي هو ذو سعة، وقيل جاء على حذف الزائد، والأصل أوسع فهو موسع، وقيل هو فاعل وسع، فالتقدير على هذا واسع الحلم، لأنك تقول: وسعنا حلمه.
قوله تعالى (أن يأتيكم) خبر إن والتاء في (التابوت) أصل ووزنه فاعول ولا يعرف له اشتقاق، وفيه لغة أخرى التابوه بالهاء، وقد قرئ به شاذا، فيجوز أن يكونا لغتين، وأن تكون الهاء بدلا من التاء.
فإن قيل: لم لا يكون فعلوتا من تاب يتوب؟ قيل المعنى لا يساعده، وإنما يشتق إذا صح المعنى (فيه سكينة) الجملة في موضع الحال، وكذلك " تحمله الملائكة " و (من ربكم) نعت للسكينة، و (مما ترك) نعت لبقية وأصل بقية بقيية ولام الكلمة ياء ولا حجة في بقي لانكسار ما قبلها، ألا ترى أن شقى أصلها واو.
قوله تعالى (بالجنود): في موضع الحال أي فصل، ومعه الجنود والياء في (مبتليكم) بدل من واو لأنه من بلاه يبلوه، و (بنهر) بفتح الهاء وإسكانها لغتان، والمشهور في القراءة فتحها. وقرأ حميد بن قيس بإسكانها، وأصل النهر والنهار الاتساع، ومنه أنهر الدم (إلا من اغترف) استثناء من الجنس وموضعه نصب، وأنت بالخيار إن شئت جعلته استثناء من " من " الأولى، وإن شئت من " من " الثانية، واغترف متعد، و (غرفة) بفتح الغين وضمها وقد قرئ بهما وهما لغتان، وعلى هذا يحتمل أن تكون الغرفة مصدرا وأن تكون المغروف، وقيل الغرفة بالفتح المرة الواحدة، وبالضم قدر ما تحمله اليد، و (بيده) يتعلق باغترف، ويجوز أن يكون نعتا للغرفة فيتعلق بالمحذوف (إلا قليلا) منصوب على الاستثناء من الموجب، وقد قرئ في الشاذ بالرفع، وقد ذكرنا وجهه في قوله تعالى " ثم توليتم إلا قليلا منكم " وعين الطاقة واو، لأنه من الطوق وهو القدرة، تقول طوقته الأمر، وخبر لا (لنا) ولا يجوز أن تعمل في (اليوم) ولا في (بجالوت) الطاقة، إذ لو كان كذلك لنونت، بل العامل فيهما
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست