الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥٠٨
فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون. فارتقب إنهم مرتقبون.
سورة الجاثية مكية. وهى سبع وثلاثون آية بسم الله الرحمن الرحيم حم. تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين. وفى خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون.
____________________
من النار. وقرئ فضل أي ذلك فضل (فإنما يسرناه بلسانك) فذلكة للسورة ومعناها: ذكرهم بالكتاب المبين فإنما يسرناه: أي سهلناه حيث أنزلناه عربيا بلسانك بلغتك إرادة أن يفهمه قومك فيتذكروا (فارتقب) فانتظر ما يحل بهم (إنهم مرتقبون) ما يحل بك متربصون بك الدوائر. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك " وعنه عليه الصلاة والسلام " من قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في ليلة جمعة أصبح مغفورا له ".
سورة الجاثية مكية. وهى سبع وثلاثون آية وقيل ست (بسم الله الرحمن الرحيم) (حم) إن جعلتها اسما مبتدأ مخبرا عنه ب‍ (تنزيل الكتاب) لم يكن بد من حذف مضاف تقديره تنزيل حم تنزيل الكتاب، و (من الله) صلة للتنزيل، وإن جعلتها تعديدا للحروف كان تنزيل الكتاب متبدأ والظرف خبرا (إن في السماوات والأرض) يجوز أن يكون على ظاهره وأن يكون المعنى: إن في خلق السماوات لقوله (وفى خلقكم). فإن قلت: علام عطف (وما يبث) أعلى الخلق المضاف أم على الضمير المضاف إليه؟ قلت: بل على المضاف لأن المضاف إليه ضمير متصل مجرور يقبح العطف عليه استقبحوا أن يقال مررت بك وزيد وهذا أبوك وعمرو، وكذلك إن أكدوه كرهوا أن يقولوا مررت بك أنت وزيد. قرئ آيات لقوم يوقنون بالنصب والرفع على قولك إن زيدا في الدار وعمرا في السوق أو وعمرو في السوق. وأما قوله - آيات لقوم يعقلون - فمن العطف على عاملين سواء نصبت أو رفعت، فالعاملان إذا نصبت هما إن وفى أقيمت الواو مقامهما فعملت الجر في اختلاف الليل والنهار والنصب في آيات، وإذا رفعت فالعاملان الابتداء وفى عملت الرفع في آيات والجر في واختلاف.
وقرأ ابن مسعود: وفى اختلاف الليل والنهار. فإن قلت: العطف على عاملين على مذهب الأخفش سديد لا مقال فيه وقد أباه سيبويه فما وجه تخريج الآية عنده؟ قلت: فيه وجهان عنده: أحدهما أن يكون على إضمار في،
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»