الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٦
* أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى
____________________
أعطي شيئا منها لا ما يريده ويبتغيه وهو رزقه الذي قسم له وفرغ منه وماله نصيب قط في الآخرة، ولم يذكر في معنى عامل الآخرة وله في الدنيا نصيب، على أن رزقه المقسوم له واصل إليه لا محالة للاستهانة بذلك إلى جنب ما هو بصدده من زكاء عمله وفوزه في المآب. معنى الهمزة (أم) التقرير والتقريع. وشركاؤهم: شياطينهم الذين زينوا لهم الشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا لأنهم لا يعلمون غيرها وهو الدين الذي شرعت لهم الشياطين، وتعالى الله عن الإذن فيه والأمر به. وقيل شركاؤهم أوثانهم، وإنما أضيفت إليهم لأنهم متخذوها شركاء لله، فتارة تضاف إليهم لهذه الملابسة وتارة إلى الله، ولما كانت سببا لضلالتهم وافتتانهم جعلت شارعة لدين الكفر كما قال إبراهيم صلوات الله عليه - إنهن أضللت كثيرا من الناس - (ولولا كلمة الفصل) أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء أو ولولا العدة بأن الفصل يكون يوم القيامة (لقضى بينهم) أي بين الكافرين والمؤمنين أو بين المشركين وشركائهم.
وقرأ مسلم بن جندب: وأن الظالمين بالفتح عطفا له على كلمة الفصل: يعنى ولولا كلمة الفصل وتقدير تعذيب الظالمين في الآخرة لقضى بينهم في الدنيا (ترى الظالمين) في الآخرة (مشفقين) خائفين خوفا شديدا أرق قلوبهم (مما كسبوا) من السيئات (وهو واقع بهم) يريد ووباله واقع بهم وواصل إليهم لابد لهم منه أشفقوا أولم يشفقوا كأن روضة جنة المؤمن أطيب بقعة فيها وأنزهها (عند ربهم) منصوب بالظرف لا بيشاؤن. قرئ يبشر من بشره، ويبشر من أبشره، ويبشر من بشره، والأصل ذلك الثواب الذي يبشر الله به عباده فحذف الجار كقوله تعالى - واختار موسى قومه - ثم حذف الراجع إلى الموصول كقوله تعالى - أهذا الذي بعث الله رسولا - أو ذلك التبشير الذي يبشره الله عباده. روى أنه اجتمع المشركون في مجمع لهم فقال بعضهم لبعض: أترون محمدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا؟ فنزلت الآية (إلا المودة في القربى) يجوز أن يكون استثناء متصلا: أي لا أسألكم أجرا إلا هذا وهو أن تودوا أهل قرابتي، ولم يكن هذا أجرا في الحقيقة لأن قرابته قرابتهم فكانت صلتهم لازمة لهم في المرؤة.
ويجوز أن يكون منقطعا: أي لا أسألكم أجرا قط ولكنني أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم.
فإن قلت: هلا قيل إلا مودة القربى أو إلا المودة للقربى وما معنى قوله - إلا المودة في القربى -؟ قلت: جعلوا
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 468 469 470 471 472 ... » »»