الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٧٠
الولي الحميد * ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير * وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن
____________________
من رحمته الواسعة (الولي) الذي يتولى عباده بإحسانه (الحميد) المحمود على ذلك يحمده أهل طاعته (وما بث) يجوز أن يكون مرفوعا ومجرورا يحمل على المضاف إليه أو المضاف. فإن قلت: لم جاز (فيهما من دابة والدواب في الأرض وحدها؟ قلت: يجوز أن ينسب الشئ إلى جميع المذكور وإن كان ملتبسا ببعضه كما يقال بنو تميم فيهم شاعر مجيد أو شجاع بطل وإنما هو في فخذ من أفخاذهم أو فصيلة من فصائلهم، وبنو فلان فعلوا كذا وإنما فعله نويس منهم ومنه قوله تعالى - يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان - وإنما يخرج من الملح. ويجوز أن يكون للملائكة عليهم السلام مشى مع الطيران فيوصفوا بالدبيب كما يوصف به الأناسي، ولا يبعد أن يخلق في السماوات حيوانا يمشى فيها مشى الأناسي على الأرض، سبحان الذي خلق ما نعلم وما لا نعلم من أصناف الخلق. إذا يدخل على المضارع كما يدخل على الماضي قال الله تعالى - والليل إذا يغشى - ومنه (إذا يشاء) وقال الشاعر:
وإذا ما أشاء أبعث منها * آخر الليل ناشطا مذعورا في مصاحف أهل العراق (فبما كسبت) بإثبات الفاء على تضمين " ما " معنى الشرط، وفي مصاحف أهل المدينة بما كسبت بغير فاء، على أن ما مبتدأة وبما كسبت خبرها من غير تضمين معنى الشرط، والآية مخصوصة بالمجرمين، ولا يمتنع أن يستوفى الله بعض عقاب المجرم ويعفو عن بعض، فأما من لاجرم له كالأنبياء والأطفال
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»