الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٤٠
* فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون
____________________
وشكروا الله عليه وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم. ويجوز أن يريد بما فرحوا به من العلم علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها كما قال تعالى - يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون، ذلك مبلغهم من العلم - فلما جاءهم الرسل بعلوم الديانات وهى أبعد شئ من علمهم لبعثها على رفض الدنيا والظلف عن الملاذ والشهوات لم يلتفتوا إليها وصغروها واستهزؤا بها واعتقدوا أنه لاعلم أنفع وأجلب للفوائد من علمهم ففرحوا به. البأس شدة العذاب ومنه قوله تعالى - بعذاب بئيس - فإن قلت: أي فرق بين قوله تعالى (فلم يك ينفعهم إيمانهم) وبينه لو قيل فلم ينفعهم إيمانهم؟ قلت: هو من كان في نحو قوله - ما كان لله أن يتخذ من ولد - والمعنى:
فلم يصح ولم يستقم أن ينفعهم إيمانهم. فإن قلت: كيف ترادفت هذه ألفا آت؟ قلت: أما قوله تعالى - فما أغنى عنهم - فهو نتيجة قوله - كانوا أكثر منهم - وأما قوله - فلما جاءتهم رسلهم بالبينات - فجار مجرى البيان والتفسير لقوله تعالى - فما أغنى عنهم - كقولك رزق زيد المال فمنع المعروف فلم يحسن إلى الفقراء، وقوله - فلما رأوا بأسنا - تابع لقوله - فلما جاءتهم - كأنه قال: فكفروا فلما رأوا بأسنا آمنوا، وكذلك - فلم يك ينفعهم إيمانهم - تابع لإيمانهم لما رأوا بأس الله (سنت الله) بمنزلة وعد الله وما أشبهه من المصادر المؤكدة، و (هنالك) مكان مستعار للزمان: أي وخسروا وقت رؤية البأس وكذلك قوله - وخسر هنالك المبطلون - بعد قوله - فإذا جاء أمر الله قضى بالحق - أي وخسروا وقت مجئ أمر الله أو وقت القضاء بالحق. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة المؤمن لم يبق روح نبي ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن إلا صلى عليه واستغفر له. "
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»