التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥١٤
كانت تتلقف الأجسام التي هي العصا والحبال.
ومنها ان (ما) في قوله * (وما تعملون) * لا يخلو من أن تكون بمعنى (الذي) أو تقع مع بعدها بمنزلة المصدر، فان كانت بمعنى (الذي) ف‍ (تعملون) صلتها، ولابد لها من عائد يعود إليها، فليس لهم أن يقدروا فيها ضميرا لها ليصح ما قالوه، لان لنا أن نقدر ضميرا فيه فيصح ما نقوله، ويكون التقدير: وما يعملون فيه، والذي يعملون فيه هي الأجسام وإن كانت مصدرية فإنه يكون تقديره: والله خلقكم وعملكم، ونفس العمل يعبر به عن المعمول فيه بل لا يفهم في العرف إلا ذلك، يقال فلان يعمل الخوص، وفلان يعمل السروج، وهذا الباب من عمل النجار، والخاتم من عمل الصانع، ويريدون بذلك كله ما يعملون فيه، فعلى هذا تكون الأوثان عملا لهم بما يحدثون فيها من النحت والنجر، على أنه تعالى أضاف العمل إليهم بقوله * (وما تعملون) * فكيف يكون ما هو مضاف إليهم مضافا إلى الله تعالى وهل يكون ذلك إلا متناقضا.
ومنها أن الخلق في أصل اللغة هو التقدير للشئ وترتيبه، فعلى هذا لا يمتنع أن نقول: إن الله خالق أفعالنا بمعنى أنه قدرها للثواب والعقاب، فلا تعلق للقوم على حال.
ثم حكى تعالى ما قال قوم إبراهيم بعضهم لبعض فإنهم * (قالوا إبنوا له بنيانا) * قيل: انهم بنوا له شبه الحظيرة. وقيل مثل التنور وأججوا نارا ليلقوه فيها. والبناء وضع الشئ على غيره على وجه مخصوص، ويقال لمن رد الفرع إلى الأصل بناه عليه. * (فالقوه في الجحيم) * بمعنى اطرحوه في النار التي أججوها له. والجحيم عند العرب النار التي تجتمع بعضها على بعض.
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»
الفهرست