التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥١٢
وإنما مال إليها بحدة غضبا على عابديها، وقوله * (إلى آلهتهم) * معناه إلى ما يدعون أنها آلهتهم أي إلى ما اتخذوها آلهة لهم، كما تقول. للمبطل: هات حجتك مع علمك انه لا حجة له.
وقوله * (فقال ألا تأكلون) * إنما جاز ان يخاطب الجماد بذلك تهجينا لعابديها وتنبيها على أن من لا يتكلم ولا يقدر على الجواب كيف تصح عبادتها، فاجراها مجرى من يفهم الكلام ويحسن ذكر الجواب استظهارا في الحجة وإيضاحا للبرهان، لكل من سمع ذلك ويبلغه. وقوله * (ما لكم لا تنطقون) * معناه تهجينا لعابديها كأنهم حاضرون بها. وقوله * (فراغ عليهم ضربا باليمين) * قيل في معناه قولان:
أحدهما - انه مال عليهم بيده اليمنى، لأنها أقوى على العمل من الشمال.
الثاني - بالقسم ليكسرنها، لأنه كان قال * (وتالله لأكيدن أصنامكم) * (1) وقال الفراء: اليمين القوة، ومنه قول الشاعر:
[إذ ما راية رفعت لمجد] * تلقاها عرابة باليمين (2) أي بالقوة. وقوله * (فاقبلوا إليه يزفون) * قال ابن زيد: معناه يسرعون.
وقال السدي: يمشون. وقيل: يتسللون بحال بين المشي والعدو، ومنه زفت النعامة، وذلك أول عدوها، وهو بين العدو والمشي، وقال الفرزدق:
وجاء فزيع الشول قبل أوانها * تزف وجاءت خلفه وهي زفف (3) ومنه زففت العروس إلى زوجها، ومعنى يزفون يمشون على مهل، قال الفراء: لم أسمع إلا زففت، قال ولعل من قرأ بالضم أراد من قولهم طردت الرجل إذا أخسأته

(١) سورة ٢١ الأنبياء آية ٥٧ (٢) تفسير القرطبي ١٥ / 75 (3) تفسير الطبري 23 / 42 والقرطبي 15 / 95
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»
الفهرست