التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٠٨
البيت عليهم السلام إن من شيعته علي لإبراهيم. وهذا جائز إن صح الخبر المروي في هذا الباب، لان الكناية عمن لم يجر له ذكر جائزة إذا اقترن بذلك دليل، كما قال * (حتى توارث بالحجاب) * (1) ولم يجر للشمس ذكر ويكون المعنى انه على منهاجه وطريقته في اتباع الحق والعدول عن الباطل، وكان إبراهيم وعلي عليهما السلام بهذه المنزلة.
وقوله * (إذ جاء ربه بقلب سليم) * معناه حين جاء إلى الموضع الذي أمره الله بالرجوع إليه بقلب سليم عن الشرك برئ من المعاصي في الوقت الذي قال لأبيه وقومه حين رآهم يعبدون الأصنام من دون الله على وجه التهجين لفعلهم والتقريع لهم * (ماذا تعبدون) * أي اي شئ تعبدون من هذه الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، وقال لهم * (أئفكا آلهة دون الله تريدون) * فالافك هو أشنع الكذب وأفظعه، والافك قلب الشئ عن جهته التي هي له، فلذلك كان الافك كذبا، وإنما جمع الآلهة مع أنه لا إله إلا إله واحد. على اعتقادهم في الإلهية. وإن كان توهمهم فاسدا، لما اعتقدوا أنها تستحق العبادة، وكان المشركون قد أوغروا باتخاذ الآلهة إلى أن جاء دين الاسلام وبين الحق فيه وعظم الزجر.
وقوله * (دون الله تريدون) * معناه إنكم أتريدون عبادة آلهة دون عبادة الله، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كما قال * (واسأل القرية) * (2) أي أهلها، لان الإرادة لا تتعلق إلا بما يصح حدوثه. وهذه الأجسام ليست مما يحدث، فلا يصح إرادتها.
وقوله * (فما ظنكم برب العالمين) * قيل: معناه أي شئ ظنكم به أسوء

(1) سورة 38 ص آية 32 (2) سورة 12 يوسف آية 82
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»
الفهرست