التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٠٣
الثاني - انه شبه برأس حية يسميها العرب شيطانا، قال الراجز:
منجرد يحلف حين أحلف * كمثل شيطان الحماط أعرف (1) الثالث - انه شبه بنبت معروف برؤس الشياطين. وقيل: قد دل الله أنه يشوه خلق الشياطين في النار حتى لو رآهم راء من العباد لاستوحش منهم غاية الاستيحاش، فلذلك يشبه برؤوسهم.
ثم أخبر تعالى أن أهل النار ليأكلون من تلك الشجرة ويملئون بطونهم منها لشدة ما يلحقهم من ألم الجوع، والملا الطرح في الوعاء مالا يحتمل الزيادة عليه، فهؤلاء حشيت بطونهم من الزقوم بمالا يحتمل زيادة عليه.
ثم قال " إن لهم عليها " يعني الزيادة على شجرة الزقوم " لشوبا من حميم " فالشوب خلط الشئ بما ليس منه مما هو شر منه، ويقال هذا الطعام مشوب، وقد شابه شئ من الفساد، والحميم إذا شاب الزقوم اجتمعت المكاره فيه من المرارة والخشونة ونتن الرائحة، والحرارة المحرقة - نعوذ بالله منها - والحميم الحار الذي له من الاحراق المهلك أدناه قال الشاعر:
احم الله ذلك من لقاء * أحاد أحاد في الشهر الحلال (2) أي أدناه وحمم ريش الفرخ إذا نبت، حتى يدنو من الطيران والمحموم المقترب من حال الاحراق. وقال ابن عباس: يشربون الحميم المشروب من الزقوم أي قد شيب مع حرارته بما يشتد تكرهه. والحميم الصديق القريب أي الداني من القلب.
وقوله " ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم " معناه أنهم يردون بعد ذلك إلى النار الموقدة. وفي ذلك دلالة على أنهم في وقت ما يطعمون للزقوم

(١) تفسير القرطبي ١٥ / 87 (2) اللسان (حمم)
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست