التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٩٨
الكفار غلطوا في هذه الانكار وتوهموا أن من يقول في جواب ذلك نعم يأتي بقبيح من القول.
وقوله " أئنا لمدينون " معناه لمجزيون مشتق من قولهم: كما تدين تدان.
أي كما تجزي تجزى، والدين الجزاء، والدين الحساب، ومنه الدين، لان جزاءه القضاء، وقال ابن عباس: القرين الذي كان له شريكا من الناس.
وقال مجاهد: كان شيطانا.
ثم حكى انه يقال لهذا القائل على وجه العرض عليه " هل أنتم مطلعون " أي يؤمرون أن يروا مكان هذا القرين في النار، فيقول: نعم، فيقال له: اطلع في النار، فيطلع في الجحيم فيراه في سوائه أي وسطه - في قول ابن عباس والحسن وقتادة - وإنما قيل للوسط: سواء لاستوائه في مكانه بأن صار بدلا منه، وقد كثر حتى صار بمعنى غير، وروى حسين عن أبي عمرو " مطلعوني فاطلع " بكسر النون وقطع الألف، وهو شاذ، لان الاسم إذا أضيف حذفت منه النون، كقولك: مطلعي، وإنما يجوز في الفعل على حذف احدى النونين، وقد انشد الفراء على شذوذه قول الشاعر:
وما أدرى وظني كل ظن * أسلمني إلى قوم شراح (1) يريد شراحل، وانشده المبرد (أأسلمني) وانشد الزجاج:
هم القائلون الخير والامر دونه * إذا ما خشوا من محدث الامر معظما (2) وقيل: ان لأهل الجنة في توبيخ أهل النار لذة وسرورا. وقال الحسن:
الجنة في السماء والنار في الأرض، فلذلك صح منهم، الاطلاع.
ثم حكى تعالى ما يقوله المؤمن إذا اطلع عليه ورآه في وسط الجحيم

(١) تفسير الطبري ٢٣ / ٣٦ (٢) تفسير القرطبي ١٥ / 83
(٤٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 ... » »»
الفهرست