التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٨٩
ولده... " يعني يوم القيامة الذي لا يغني فيه أحد عن أحد، لا والد عن ولده ولا ولد عن والده، يقال: جزيت عنك أجزي إذا أغنيت عنك. وفيه لغة أخرى: أجزأ يجزئ من أجزأت بالهمزة. ثم قال " ان وعد الله حق " اي الذي وعدته من الثواب والعقاب حق لا خلف فيه " فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور " قال مجاهد وقتادة والضحاك: الغرور الشيطان. وقال سعيد بن جبير: هو يمنيك المغفرة في عمل المعصية. قال أبو عبيدة: الغرور كل شئ غرك حتى تعصي الله، وتترك ما أمرك به الله، شيطانا كان أو غيره، فهو غرور. وهو أحسن، لأنه أعم. ثم قال تعالى " إن الله عنده علم الساعة " يعني وقت قيام القيامة يعلمه تعالى لا يعلمه سواه " وينزل الغيث " أي وهو الذي يعلم وقت نزول الغيث بعينه وهو الذي " يعلم ما في الأرحام " من ذكر أو أنثى " وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت " يقال: بأي ارض وبأية ارض. من قال: بأي، فلان تأنيث الأرض بالصيغة لا باللفظ. ومن قال: بأية ارض فلان الأرض مؤنثة. والمعنى انه لا يعلم موت الانسان في أي موضع من البلاد يكون سواه. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله إن هذه الخمسة أشياء مما لا يعلمها غيره تعالى على التفصيل والتحقيق " إن الله عليم " بتفصيل ذلك " خبير " به لا يخفي عليه شئ من ذلك.
وسأل البلخي نفسه، فقال: إذا قلتم: إن من اعتقد الشئ على ما هو به تقليدا أو تخمينا أو تنجيما يكون عالما، فلو أن إنسانا أعتقد ان امرأة تلد ذكرا أو رجلا يموت في بلد بعينه أو يكسب في الغد كذا، فوافق ذلك اعتقاده، فيجب
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست