التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٩٤
وإن كان مستعليا على الأشياء قبلها، كما دخلت حتى في قوله " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرى " (1) وتقديره ثم صح معنى استوى على العرش باحداثه، وكذلك حتى يصح معنى " نعلم المجاهدين " أي معنى وصفهم بهذا وذلك لا يكون إلا بعد وجود الجهاد من جهتهم.
وقوله " مالكم من دونه من ولي ولا شفيع " نفي منه تعالى أن يكون للخلق ناصر ينصرهم من دون الله أو شفيع يشفع لهم، كما كانوا يقولون: نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى.
ثم قال " أفلا تتذكرون " في ما قلناه وتعتبرون به، فتعلموا صحة ما بيناه لكم. وقوله " يدبر الامر من السماء إلى الأرض " معناه ان الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في هذه المدة يدبر الأمور كلها، ويقدرها على حسب إرادته في ما بين السماء والأرض، وينزله مع الملك إلى الأرض " ثم يعرج إليه " يعني الملك يصعد إلى المكان الذي أمره الله تعالى أن يعرج إليه، كما قال إبراهيم:
" اني ذاهب إلى ربي " (2) أي ارض الشام التي امرني ربي. ولم يكن الله بأرض الشام، ومثله قوله تعالى " ومن بخرج من بيته مهاجرا إلى أنه ورسوله " (3) يريد إلى المدينة. ولم يكن الله في المدينة. وقوله " في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " قال ابن عباس، والضحاك: معناه يوم كان مقداره لو ساره غير الملك ألف سنة مما يعده البشر. وقيل: معناه خمس مئة عام نزول وخمس مئة عام صعود، فذلك ألف سنة. وقال قوم: يجوز أن يكون يوم القيامة يوما له أول وليس له آخر. وقته أوقاتا يسمى بعضها الف سنة وبعضها خمسين الف

(1) سورة 47 محمد آية 31 (2) سورة 37 الصافات آية 99 (3) سورة 4 النساء آية 99
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست