التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٧٨
قرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر " ولا تصعر " بغير ألف في التصعير.
الباقون " تصاعر " بألف. وقرأ أهل المدينة " مثقال حبة " رفعا. الباقون نصبا من رفعه جعل (كان) بمعنى حدث، ووقع، ولم يجعل لها خبرا. ومن نصب فعلى أنه خبر (كان) والاسم مضمر فيها أي إن تك الحبة مثقال. وقرأ نافع وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم " نعمه " على لفظ الجمع.
الباقون " نعمة " على التوحيد.
يقول الله تعالى مخبرا عن لقمان ووصيته لابنه، وأنه قال " يا بني أنها إن تك مثقال حبة من خردل " من خير أو شر (فتكن) عطف على الشرط فلذلك جزمه. وتقديره: إن تلك الحبة لو كانت في جوف صخرة، وهي الحجر العظيم أو تكون في السماوات أو الأرض " يأت بها الله " ويحاسب عليها ويجازي لأنه لا يخفى عليه شئ منها، ولا يتعذر عليه الاتيان بها أي موضع كانت، لأنه قادر لنفسه لا يعجزه شئ عالم لنفسه لا تخفى عليه خافية.
وقوله " يأت بها الله " معناه إنه يجازي بها ويواقف عليها فكأنه أتى بها وإن كانت أفعال العباد لا يصح إعادتها، ولو صح اعادتها لما كانت مقدورة لله.
وإنما أراد ما قلناه، وفي ذلك غاية التهديد والحث على الاخذ بالحزم. والهاء في قوله " انها " قيل: انها عماد وهو الضمير على شريطة التفسير. وقيل:
(إنها) كناية عن الخطيئة أو الفعلة التي تقتضي الجزاء، وهي المضمرة في تلك وإنما أنث مثقال، لأنه مضاف إلى مؤنث وهي الحبة، كما قيل: ذهبت بعض أصابعه. وكما قيل:
[وتشرق بالقول الذي قد أذعته] شرقت صدر القناة من الدم (1)

(1) قائله الأعشى، ديوانه 183، واللسان (شرق)
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست