التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٧٩
والصخرة وإن كانت في الأرض أو في السماء، فذكر السماوات والأرض بعدها مبالغة كقوله " اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق " (1) وقد قال بعض المفسرين: ان الصخرة خارجة عن السماوات والأرض، وهو أيضا جائز. وقرأ قتادة " فتكن في صخرة " بكسر الكاف مخففا من (وكن يكن) أي جعل الصخرة كالوكنة. وهو عش الطائر. ذكره ابن خالويه. وحكاه عن ابن مجاهد سماعا، واستحسنه.
وقوله " ان الله لطيف خبير " قال قتادة: معناه - ها هنا - لطيف باستخراجها، خبير بمستقرها. واللطيف القادر الذي لا يحفو عن عمل شئ، لان من القادرين من يحفو عن عمل أشياء كثيرة كاخراج الجزء الذي لا يتجزأ وتأليفه إلى مثله، فهو فإن كان قادرا عليه، فهو ممتنع منه، لأنه يحفو عن عمل مثله. والخبير العالم وفيه مبالغة في الصفة، مشتق من الخبر. ولم يزل الله خبيرا عالما بوجوه ما يصح أن يخبر به، والمثقال مقدار يساوي غيره في الوزن، فمقدار الحبة مقدار حبة في الوزن. وقد صار بالعرف عبارة عن وزن الدينار، فإذا قيل:
مثقال كافور أو عنبر، فمعناه مقدار الدينار بالوزن.
ثم حكى ما قاله لقمان لابنه أيضا قال له " يا بني أقم الصلاة " أي دم عليها وأقم حدودها وشرائطها " وأمر بالمعروف " والمعروف هو الطاعات " وانه عن المنكر " وهي القبائح سواء كانت قبائح عقلية أو شرعية " واصبر على ما أصابك " من الناس في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من المشقة والأذى وفي ذلك دلالة على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان فيه

(1) سورة 96 العلق آية 2
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست