التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٧٣
* (بغير عمد ترونها) * أي ليس لها عمد يسندها، لأنه لو كان لها عمد لرأيتموها فلما لم تروها دل على أنه ليس لها عمد، لأنه لو كان لها عمد لكانت أجساما عظيمة حتى يصح منها إقلال السماوات، ولو كانت كذلك لاحتاجت إلى عمد آخر، فكان يتسلسل. فإذا لا عمد لها، بل الله تعالى سكنها حالا بعد حال بقدرته التي لا توازيها قدرة قادر. وقال مجاهد: لها عمد لا ترونها، هذا فاسد لأنه لو كان لها عمد لكانت أجساما عظيمة، لأنه لا يقل مثل السماوات والأرض إلا ما فيه الاعتمادات العظيمة. ولو كانت كذلك لرأيت، وكان يؤدي إلى ما ذكرناه من التسلسل.
ثم قال * (والقى في الأرض رواسي) * يعني الجبال الثابتة * (أن تميد بكم) * وقيل معناه لئلا تميد بكم، كما قال الراجز:
والمهر يأبى أن يزال ملهيا بمعنى لا يزال. وقال قوم: معناه كراهة أن تميد بكم * (وبث فيها من كل دابة) * أي فرق فيها من كل دابة أي من كل ما يدب على الأرض " وأنزلنا من السماء ماء " يعني غيثا ومطرا " فأنبتنا فيها " بذلك الماء * (من كل زوج كريم) * أي من كل نوع حسن النبت طيب الريح والطعم.
قوله تعالى:
* (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين (11) ولقد آتينا لقمان الحكمة أن
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست