التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٤١
ثم قال * (إن في ذلك) * يعني في خلق الأزواج مشاكلة للرجال * (لآيات) * أي لدلالات واضحات * (لقوم يتفكرون) * في ذلك ويعتبرون به، والفكر والاعتبار والنظر واحد، فالفكر في أن الأزواج لأي شئ خلقت؟ ومن خلقها؟
ومن أنعم بها؟ ومن جعلها على الأحوال التي يعظم السرور بها؟ وكيف لا يقدر أحد من العباد على ذلك؟ وذلك من أعظم الدلالة على أن لها خالقا مخالفا لها ومنشئا حكيما يستحق العبادة، ولا يستحقها غيره.
ثم نبه على آية أخرى فقال * (ومن آياته) * الدالة على توحيده ووجوب اخلاص العبادة له " خلق السماوات والأرض " وما فيهما من عجائب خلقه من النجوم والشمس والقمر وجريانها على غاية الحكمة والنظام الذي يعجز كل أحد عنها وبما في الأرض من أنواع الأشجار والنبات وأصناف الجمادات التي ينتفع بها وفنون النعم التي يكثر الانتفاع بها " واختلاف ألسنتكم وألوانكم " فالألسنة جمع لسان، واختلافها ما بناها الله تعالى، وهيأتها مختلفة في الشكل والهيئة وتأتي الحروف بها " واختلاف ألسنتكم " أي اختلاف مخارجها التي لا يمكن الكلام إلا بكونها كذلك. وقال قوم: المراد بالألسنة اختلاف اللغات، وهو جواب من يقول: إن اللغات أصلها من فعل الله دون المواضعة. فأما من يقول: اللغات مواضعة فان تلك المواضعة من فعلهم دون فعل الله، غير أنه لما كانت الآلات التي تتأتى بها هذه الضروب لا يقدر على تهيئها كذلك غير الله جاز أن تضاف اللغات إليه تعالى على ضرب من المجاز " وألوانكم " أي واختلاف ألوانكم من البياض والحمرة والشقرة والصفرة، وغير ذلك " ان في ذلك لآيات " أي إن في خلق جميع ذلك لدلالات واضحات لجميع خلقه الذين خلقهم، وأكمل عقولهم
(٢٤١)
مفاتيح البحث: الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست